انطقت الحرف . الشاعرعزالدين الهمامي

 أنْطَقتُ الحَرفَ

***

أنَا في الهَوى كَاتِبٌ والنَبضُ مؤتَمَنِي

وصِدقُ حِبرِي على الأبيَات لم يَشِبِ


وأنَا سيّدٌ لِلحَرفِ في المِحرَاب أرتَقِي

فإنّي جِئتُ والشُعَرَاءُ في طَلَبِ


أتيتُ أستنطقُ الأوزانَ مُعتَصمًا

ببَحرِ فكرٍ، ونبضِ القلبِ والعَصَبِ


جِئتُ القصِيدَ وفي كفّي جِراحُ دَمِي

وفي فُؤَادِي لهبٌ مِن دمِي إلتهَب


أهيمُ بين مَجازِ الحرفِ مُغتربًا

كأنّني الحَرفُ، لا أرجُو ولا أَهَبِ


أنقّبُ الصَّمتَ في أعمَاقِ تَجرِبتِي

وأستَفزُّ سُكونَ الليلِ بالخُطَبِ


فإن بَكى الحَرفُ، أو صَاحَت مَلامِحُهُ

فَذاكَ دَمعِي، وهَذا الصِدقُ في العَتَبِ


فامضِ مٕعي، نَحتَسِي نَغَمَ القصِيدِ هُنا

فالرُّوحُ عَطشَى، وهذَا الشِعرُ مِن ذَهبِ


أُحبُّ صَمتَ الليَالي حِينَ يُدهِشُني

وفي سُكونِ المَدى أُصغِي إلى طَرَبِي


أُحبُّ وجهَكِ، لا مرآةَ تَصِفُهُ

ولا ارتعَاشُ دمِي فِي لحظةِ العتَبِ


أُحبُّ كلَّ الحَنينِ الحَائرِ المُنهكِ

حينَ ينامُ على الأهدابِ مُضطَرِب


أرَانِي عَشِقتُكِ؟ لا أدرِي، ولكنّنِي

أراكِ في كلِّ ما فِي العُمرِ مِن سُحُبِ


وفي تَفاصِيلِ أحْزانِي، وفي لغَتي

وفي ارتباكِ شَتائي، وارتجافِ رُكَبِي


كأنّني كُنتُ أكتُبُ قبلَ أن ألقاكِ

لكنْ على غيرِ مَعنى، دونَ مُنتسَبِ


كأنّني كنتُ نِصفَ الحَرفِ مُنكسِرًا

وأنتِ تمّمتِ مَا قد ضاعَ من كتُبي


كأنّ صَوتَكِ حِينَ الليلُ يحتَضِرُ

دُعَاءُ أمٍّ على الأبوَابِ لم يَغِبِ


كأنّ عِطركِ سرٌّ لا يُفسَّرُ لي

لكنّهُ يَسْكنُ الأعمَاقَ في طَرِبِ


أنا الذِي كُنتُ لا أبكِي إذَا انكسرتْ

خُطايَ، لكنْ بكيتُ الآن عن سَبَبِ


لأنّكِ الآنَ بعْضِي... بل جَميعُ دَمِي

وكلُّ مَا في فُؤادِي مِن شذىً وَتَبِ


أخافُ إن غبتِ، أن أنسَى مَلامِحِي

وأن أُضَيّعَ مَا فِي العُمرِ من نَسَبِ


أخافُ إن طالَ هَجرُكِ، أن يُصيبَ دَمي

جفافُ عِشقٍ، وأن يُنسى مَعَ الحِقَبِ


أخافُ أن يُصبِحَ الإحسَاسُ مُغتربًا

وأن تذُوبَ خُطايَ العاشِقاتُ تَعَبِي


أخافُ أن يتَحوَّلَ الدِفءُ في يَديكِ

بردًا، وأن يَستبِيحَ الشوقُ مُنقلبِي


فلا تَرْحلِي، إنني طِفلٌ على عطشٍ

يَرْتجِفُ الآنَ بينَ البُعدِ والقُرُبِ


تعالَي نرسمُ لِلأَحلامِ نَافِذةً

تُطلُّ مِنّي عليكِ، الآنَ فاقْترِبِي


***

بقلمي

 عزالدين الهمامي 

بوكريم/ تونس 

2025/07/07

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال