دموع على شاطئ الصمت بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي


 دموع على شاطئ الصمت


كانت أول ليلةٍ لي في هذا المسكن الجديد، مدينةٌ بحريةٌ يهمس فيها الموج بهدوءٍ غريب، والنسيم يمرّ على النوافذ كأنّه يحمل تحيّة البداية.

كلّ شيء كان ساكنًا… جميلًا في ظاهره، فارغًا في معناه.


جلستُ أمام النافذة أحدّق في البحر، لكن قلبي لم يرَ سوى الغياب.

شيء ما انكسر في داخلي، كأنّ الحياة فقدت دفئها فجأة.

كُسر خاطري كما تُكسر المرايا، فتتناثر في وجهي صور الوجع، وتعيد إليّ كل ذكرى كنت أظنّها انتهت.

بتّ ليلتي أعدّ الدقائق، أستمع إلى خفق قلبي الجريح وهو يتهامس بالحسرة، كأنه يسألني: لِمَ كل هذا الألم؟

انهمرت دموعي بصمتٍ طويل، تساقطت كأنها اعتذار متأخر لروحي المنهكة، وغرقت الوسادة بملحٍ يشبه البحر القريب من نافذتي.


لطالما ترك الزمن بصماته على قلبي، بصمة من عذابٍ أليمٍ لم يمحُه شيء. كنت أظنّ أن الحاضر سيُنسي كل جراح الماضي، لكنه جاء مزيجًا من الحنين والقسوة، يحمل في طياته فرحةً خافتةً وجرحًا عميقًا لا يندمل.

الليلة علّمتني أن التعب لا يسكن القلب وحده، بل يمتد إلى الجسد، وأن الملامح قد تذبل ليس لطول العمر، بل لأن الروح حملت أكثر مما يمكنها تحمّله…

وهكذا، علّمتني الحياة حكمة صامتة: أحيانًا يتعب القلب قبل الجسد، وتذبل الملامح قبل السن، لأن المعاناة تُكتب على الروح قبل أن تُكتب على الزمن.


بقلمي الأديبة غزلان حمدي من تونس

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال