قراءة موجزة في قصيدة .. دار الفناء للشاعر : محمود علي
.......
الشاعر محمود علي .. قصيدته من الزُهديات
وهو لون خاص من الطبوع الشعرية ونادرا من يكتب في هذا الموضوع .. وهي لا تقل روعة عن قصائد .. شاعر العصر العباسي أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم .. الملقب بأبي العَتاهية .
...
غير أن أسلوب الشاعر محمود علي قد تَميز بالتسلسل المرتب فيما يخص وحدة القصيدة
التي كان موضوعها عن الدنيا .. وقد بدأ بالتساؤل في بيت المطلع يخاطب نفسه .. لينتقل فيما يليه من الأبيات إلى حالها مستعملا ضمير المُخاطب
الذي عَبَّرَ من خلاله على أن اغلب الناس حالهم كحاله فيها مهما كانت ظروفهم .
أما تناسق الصور البيانية فقد كان فيها موفقا إلى أبعد الحدود ما اعطى للقصيدة سلاسة في المعنى والمبنى وجزالة الألفاظ .. وكعادة كبار الشعراء لم تخلو لمساته الربيعية من الحكمة في قوله :
فخذ منها كفاف العيش وارحل
هي الدنيا لآخرة ممرُّ
...
ملاحظة : لست ناقدا .. فقط أنا شاعر تعجبني أي قصيدة نادرة في موضوعها وتناسق كلماتها بما فيها وحدة القصيدة والصور البيانية وتظهر فيها براعة الشاعر .
دار الــــــــــــفــــــــــــنـــــــــــاء
.........
مــتـى فــي هــذه الـدنـيا أســرُّ
ومــــن أتــراحـهـا يــومــا أفـــرُّ
تـــراءت مــثـل غـانـيـة لـعـوب
تــريـك الـشـهد والـمـخفي مــرُّ
وجــل عـطـائها فـقص ورقـص
بـــلا نــفـع تــرى بــل ذاك ضــرُّ
لـــهــا ثــــوب تــزيّـنـه الــلآلــي
مــبــرقــعـة بــــألـــوان تــــغـــرُّ
خــيـوط الـعـنـكبوت لــهـا رداء
وبــيـت قــد تـخـفَّى فـيـه شــرُّ
إذا مـــا جـئـتـها حــمـلاً وديـعـاً
تـخـفَّى فــي ثـنـايا الـثـوب هـرُّ
نـهـارك فــي سـعـير قــد تـلظَّى
ولــيــل دامــــس يــلـقـاك قــــرُّ
أرى الـدنـيـا سـرابـاً فــي بـقـيع
كــضـرع شـــحَّ قـــد عــاداه درُّ
عــجـيـب أمـــر دنــيـاي فــإنـي
أراهــــا فــــي مـصـائـبـها تـــدرُّ
فــلا تـلـقى أخــا صــدقٍ وفـيـاً
ولا ولـــــــداً بــــوالـــده يـــبـــرُّ
وكــــلٌ قــائــلٌ يـــارب نـفـسـي
ولـحّوا فـي الـدعا لا بل أصرّوا
فـمن رام الـدنيّة خـاب مـسعى
فـبـعد الـيـسر عـسـرا قــد تـكـرُّ
فـــلا صــفـوٌ لـعـيشٍ دام فـيـها
ودار لـــلـــفــنــاء ولا مـــــقـــــرُّ
فخذ منها كفاف العيش وارحل
هــــي الــدنـيـا لآخــــرة مــمــرُّ
فـإنّـي قــد عـقدت الـعزم مـنّي
مــــرور الــحــرّ مـــن دارٍ أمـــرُّ
..........
الــشــاعــر : مــحــمـود عـــلــي
_________________
علي مويسات الجزائري