---
البلبل السجين
بقلم: فتحي الصيادي
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يطيرُ في الفضاءِ بحريّة
لا جرمَ اقترف، ولا عليه قضيّة
كان يُحبُّ الحريّة
ويُغرِّدُ أجملَ وهوَ حرٌّ
يتباهى بصوتِه،
ولحنُه شجيٌّ، جميل
يُغرِّدُ وهوَ يميل
معتزٌّ بنفسِه
مُتميّزٌ في شدوهِ،
قد عرفَ معنى الحريّةِ منذ الصغر
وكان يرى في ذاتِه أميرًا للفجر
وكان يكرهُ من الحيوانِ الحمير
ويحبُّ الجمل،
لِصبره الطويل،
ويبكي إن رأى حملَهُ ثقيل
فيُغرِّدُ حزنًا، بصوتٍ هزيل
تدمعُ لهُ العينُ،
حينَ يميلُ على الحملِ ميلاً مَليل
كان بلبلًا حسّاس
مميّزًا بريشةٍ فوقَ الرأس
لكنّه وقعَ في قبضةِ الأنام
أكرموهُ حينَ صادوه،
وفرحوا بهِ كثيرًا،
عاملوهُ كأنّه أميرُ الحمام
جلبوا لهُ الماءَ والغذاء
لكنهُ سجينٌ…
يتنفّسُ الهواء
وينتظرونَهُ كلَّ صباحٍ، فرحين
لِيُغرِّدَ لهم لحْنًا رقيقًا حزين
هم فرحون… وهو كئيب
لديهم بلبلٌ مسكين
يرتقبون شدوَهُ العذبَ الجميل
وغنّى البلبلُ الحزين
لحْنًا فيهِ ألفُ أنين
كان يُنشدُ أنشودةً
عن "الذينَ خسروا الحياة"
الذينَ ظنّوا أنّهم يُحسنون صُنعًا
وهم للحرّيّة سالبون
وللروحِ قاتلون
يسمعونَ في آذانِهم تغريدَهُ
وهوَ كلُّه آهاتُ سجين
بلبلٌ يُغنّي… وقلبُه حزين
-