تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس
في هذه القصيدة الوجدانية الرفيعة، تُبدع الشاعرة عائشة ساكري من تونس في رسم صورة أنثوية رمزية مترعة بالجمال والمجاز، مستعينة بالنخلة كرمز للشموخ، والقصيدة كدلالة على الخلق الإبداعي. تبدأ باستعارة مزدوجة تصف فيها بلقيس بأنها "نخلةٌ وقصيدة"، ما يمنح الشخصية عمقًا أرضيًا وسماويًا في آن، وكأنها كائن يجمع بين الجذور والخيال.
تعتمد الشاعرة على أسلوب الإيحاء، حيث تجعل من الصمت مصدرًا للوهج والرؤى، ومن الحلم منصة لاستنطاق الكلمات. اللغة الشعرية هنا مشبعة بالرقة والدقة في اختيار الصور، كما في قولها "تغزل من وهم النسيم حقائقًا"، في انعكاس بديع لفكرة الإبداع من العدم، والخلق من السراب.
القصيدة تسير في نسق هادئ لكنه مشحون بالعاطفة والدهشة، تتماوج فيه الصور وتتقاطع بين الحسية والرمزية، وتبرز بلقيس ليس فقط كامرأة، بل كفكرة، كإلهام، كقصيدة تنساب في الوجدان وتورق على ضفاف الشعر.
ويأتي البيت قبل الأخير ليربط بلقيس بطعم "حلو التمر"، في إحالة عاطفية إلى لذة لا تُنسى، ثم تختم الشاعرة بالنشيد الذي "يُشعل الحروف"، مشيرة إلى أن حضور هذه الأنثى ليس عابرًا، بل مؤسس للدهشة ومتجدد في القصيدة والذاكرة.
قصيدة أنيقة، متقنة، تحلق بلغتها الناعمة وتغوص في معانيها العميقة، وهي خير تجلٍّ لقدرة الشاعرة عائشة ساكري على المزج بين البساطة والعمق، بين الأنثى والقصيدة، في توليفة شعرية بديعة.
مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي
بلقيس القصيد
بقلم الشاعرة عائشة ساكري_تونس
15 جوان 2025
سيدةٌ بين النخيل، نخلةٌ وقصيدة
تُخفي على همس النسيمِ وعودا
تمشي فتحضُنُ الغصونَ وتُزهِرُ
في صمتها الأرواحَ والتعريدا
تجني من الصمتِ نارَ الرؤى
وتروي في حُلمِ القصيدِ شرودا
وإذا تنادتْ في ضوءِ الدجى
وتهاوتِ الأكوانُ نرجو وعودا
تغزلُ من وَهْمِ النسيمِ حقائقًا
وتنسجُ من الضوءِ الشفيفِ ورودا
هي فكرةٌ قامتْ على كفِّ المدى
وتفتحتْ في قلبِ شاعرٍ جودا
واحدةٌ كحلوِ تمرِ نخلةِ بلقيسِ
كم ينسى ولا يُهدى لمن لم يَذُقْهُ عهودا
وأخرى تمرُّ على القصيدةِ ديمةً
تسري وتُشعلُ في الحروفِ نشيدا.
مع تحيات المسؤولة والداعمة لنشر النصوص النقدية التحليلية بالمجلة الشاعرة عائشة ساكري من تونس.