مقالي بعنوان :
فرحة العيد لا تتسع الجميع
في طفولتي، كانت فرحة العيد تعني لي العالم.
أختار ملابسي بعناية، أضعها تحت الوسادة، وكأنني أخفي كنزًا لا يقدَّر بثمن.
أحضّر حقيبتي لجمع العيديات، وأرافق والدي في كل مكان لأحصل على المزيد.
كنت أحلم بأن أكون مثل ممثلات التلفاز، بملابس جميلة وألوان زاهية.
تلك اللحظات البسيطة، بصدقها ودفئها، لا تزال تسكن قلبي حتى اليوم.
تختلف مشاعرنا أمام الأشياء بمرور الوقت، وتتغير نظرتنا لها، لكن تظل بعض اللحظات محفورة في القلب لا يمحوها النسيان.
فرحة العيد، في الطفولة، كانت تنبع من أعماق صافية، خالية من كل ما يعكرها من أفكار أو هموم.
فالطفولة ليست مجرد زمن، بل هي حالة من النقاء يصعب تكرارها.
اقتباس من ريلكه – رسائل إلى شاعر شاب:
"طفولتك، كنزك الحقيقي، مصدر طاقتك، عليك أن تعود إليها؛ لأنها المخزون الذي لا ينفد."
لكن ثمة سؤال دائمًا ما يراودني، ويأخذني بعيدًا عن دفء الذكريات.
أسأل نفسي: ما هو شعور الأطفال الذين لا يملكون قوة تحميهم من قسوة العالم؟
أطفال المدن الغارقة في الحروب، حيث تغمر حياتهم الكلمات التي لا تُقرأ إلا في صفحات الألم.
شاهدت مقطعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه طفلٌ يُسكب على رأسه الحساء الحار، وسط زحامٍ مؤلم أثناء توزيع الطعام في المخيمات.
وهنا أتذكر قول الأم تيريزا:
"الأطفال هم ملائكة الأرض، يستحقون السلام والحب والحماية في كل مكان."
وهذا يجعلني أتساءل بشدة:
كيف يعيش هؤلاء الملائكة حياتهم في مدنٍ غارقة بالحروب؟
كيف يبدو العيد في نظرهم؟
هل يبدأ يومهم كأي يوم عادي؟
أم تغلب الأفراح على لحظاتهم رغم كل ما حولهم؟
أم تمضي طفولتهم وسط الصراعات، لا يعرفون سوى الخوف، ولا يحصلون على أبسط حقوقهم كأطفال؟
طفل يولد في مدينة غارقة بالحروب، حيث لا شيء يُشبه العيد.
فهل فكرنا يومًا، ونحن نعيش فرحة العيد، أن هناك أطفالًا لم يعرفوا لحظة صفاء واحدة، لأن بيوتهم هُدمت قبل أن يطرق العيد أبوابهم؟
ليتني أملك حضن أم حنون لأحمي أطفال العالم من كل ألم.
تَصارَعوا فيما بينكم، وخذوا حروبكم، واتركوا الأطفال.
#زهراء الزبيدي