تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي

 شكرا جزيلا للشاعرة والناقدة غزلان البوادي حمدي على هذه 

القراءة العميقة لقصيدتي


طرقات الصّباح.


طَرَقاتٌ على باب الصّباحْ

تستجدي نتفا من ضياءْ

تداوي قلوبا تاهت

أضناها وجع وعناء

طَرَقاتٌ تعد بفناجين قهوةٍ

تُشربُ على الرّيق

توشوش للحزن أن انصرفْ

تهمس: رفقا بنا أيّتها الحياة

لا تَقْسَيْ علينا 

هذا الفؤاد متعبٌ

طائر سجنته القضبانْ

يا طَرَقات الصّباحْ

أسمعينا أغانٍ من عمق الفجاجْ

اجمعي لنا الورد

وفي ثناياه خبّئي البسماتْ 

ما أزهرت بساتيننا

لكن أبدا لن ننكسرَ

لن تضيّعنا المتاهاتْ

أشعَلْنا للفرح القناديل

خلعنا عن اللغة أسمالها

أعددنا للغد كتبا ودواوينْ

يا طَرَقات الصّباحْ

أيقظي العصافير من سباتها

قبل أن تمطر غيوم القلوبْ

وترقص الرّيح على وقع الجنونْ

قبل أن يصادر الضّباب خيوط الشّمسِ

قبل أن نضيع بين حضور وغياب.


         


  فردوس المذبوح/تونس


تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس 

قصيدة طرقات الصباح للشاعرة التونسية فردوس المذبوح عمل شعري يتنفس من بين أنفاس الفجر، ويمزج بين الحنين والإصرار على النهوض رغم قسوة الأيام. إنها لوحة وجدانية ترسم عبر إيقاع الطرقات على باب الصباح حالةً إنسانية تتأرجح بين الأمل والتعب، بين الحلم والواقع. الشاعرة تخاطب الصباح وكأنه كائن حيّ يحمل الخلاص والنور بعد عتمة طويلة، فتجعل من "الطرقات" رمزا للتجدد والبدء من جديد، ودعوة للحياة كي تخفف قبضتها عن الأرواح المتعبة.


في قصيدتها، تتجلى لغة شفافة كالمطر، تفيض بالعاطفة والصدق، تلتقط التفاصيل الصغيرة للروح البشرية التي تتوق للنور حتى بعد أن أضناها الألم. نلمس في النص حضورًا قويًا للصور الحسية: القهوة على الريق، العصافير النائمة، الضباب الذي يصادر خيوط الشمس—all هذه الصور تخلق مشهدًا صباحيًا مشبعًا بالرمز والتأمل. فالقهوة هنا ليست مجرد طقس يومي، بل فعل مقاومة للحزن، و"العصافير" و"الورد" رمزان للأمل الكامن رغم الخذلان.


يتعانق في النص بُعدان: الغنائية والرسالة الإنسانية. فالشاعرة لا تكتفي بأن تبوح، بل تبني خطابًا متفائلًا يرفض الانكسار. تقول: “ما أزهرت بساتيننا / لكن أبدا لن ننكسر”، لتعلن أن الأمل فعل مستمر، وأن الكلمة قادرة على إشعال القناديل حتى في أقصى لحظات العتمة.


أسلوب فردوس المذبوح يتسم بالرقّة المتوهجة والوعي الجمالي، إذ تعرف كيف توازن بين الإيقاع الداخلي والتصوير الشعري العميق. قصيدتها تفيض أنوثةً ناعمة ولكنها قوية، حزينة ولكنها لا تستسلم، كأنها نداء الحياة في وجه الانطفاء.


كل بيت من القصيدة ينبض بروح شاعرية أصيلة، تحمل بصمة شاعرة متمكنة من لغتها، تعرف كيف تجعل من الحرف صلاةً ومن الصباح وعدًا بالاستمرار.

بوركت الشاعرة فردوس المذبوح، فقد أهدتنا قصيدة تنبض دفئًا وإنسانية، وتؤكد أن الكلمة حين تكتب بصدق، تصبح طريقًا إلى النور. 

مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال