تحليل نقدي.محمد الوداني



 تحليل نقدي بقلم الأستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني بمساعدة تدقيق لغوي وتنقيح اخطاء وتقفيل خاتمة الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس 

قصيدة "حلم البقاء" للشاعرة عائشة ساكري تمزج بين الرومانسية والحنين إلى الزمن الجميل، حيث تعتمد على أسلوب شعري يجمع بين الواقع والخيال، وبين ماضي الحب وأسطورته، وبين حاضر العاطفة وشجنها. العنوان يوحي بدلالات فلسفية وعاطفية، حيث يرتبط الحلم بقدرة الإنسان على الاستمرار والتشبث بما يحب ويؤمن. القصيدة ليست مجرد استذكار لحب قديم، بل تعبير عن رغبة في الخلود من خلال المشاعر والأحاسيس، وكأن الحب هنا هو السبيل للبقاء على قيد الحياة.


الشاعرة تعتمد على صور حسية وحالمة تمزج بين الخيال والأسطورة. فـ"العتب ينام" و"تستبيح الروح" هي صور تعبر عن تناقضات الشعور الإنساني بين الألم والحب. "سيمفونية الكؤوس وسحر الشجن" تخلق مشهداً موسيقياً حيث المشاعر تتدفق كتدفق أنفاسها على وقع النغمات.


الشاعرة تستعين بعدة رموز أدبية وأسطورية، مثل "ألف ليلة وليلة" و "شهريار وشهرزاد"، لتعيد تصوير الزمن الغابر حيث الحب والقصص كانا في ذروتهما. هذه الرموز تمثل الشوق إلى فترة كانت فيها القصص والحكايات وسيلة للتعبير عن الخلود والهوى. غير أن الشاعرة ترى أن تلك الطقوس هجرت واندثرت، ولم يبقَ منها سوى "رفات مسودة بالية"، وهي استعارة توحي بفقدان شيء من البريق والرونق في الحاضر.


يتكرر في القصيدة استخدام الزمن كعنصر أساسي. حيث أن الماضي يتجسد في الأساطير والحكايات، بينما الحاضر مليء بالحنين والشوق إلى ذلك الماضي. كما أن الشاعرة توظف الزمن لربط الماضي بالحاضر من خلال "أجنحة الشوق" و"مرافئ النجوم"، وهي صور توحي بالسفر والبحث عن الحقيقة في عوالم بعيدة.


الشاعرة تعبر عن رغبة قوية في استرجاع الزمن الماضي بكل ما يحمله من حب وأمل. يظهر ذلك من خلال قولها "يا ليت الزمان يعود بنوره وصفائه". إنه ليس فقط استرجاعاً للماضي، بل أيضاً رغبة في استعادة ذلك النقاء الذي كان يميز العلاقات والمشاعر.


القصيدة تنتهي بنبرة تفاؤلية، حيث تُنسج خيوط الأمل من أشعة الشمس، في إشارة إلى أن الحب مهما غاب أو تلاشى، لا يزال يمكن إحياءه من جديد. الشاعرة هنا تعبّر عن الأمل في أن تعود قصص الهوى وتُروى من جديد في أعين العاشقين.


وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نمجد قدرة الشاعرة عائشة ساكري على الإمساك بخيوط الماضي والحاضر في آن واحد، لترسم لنا لوحة شعرية غنية تجمع بين الأسطورة والعاطفة. تبرز قدرتها الأدبية والثقافية في استحضار رموز الأدب العربي وإعطائها حياة جديدة وسط عالم مليء بالتغيرات، مما يعكس حساً أدبياً وثقافياً رفيعاً يذكرنا بعظمة التراث العربي وثرائه الذي لا ينضب.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية


**حلم البقاء** 


وعلى أكتاف قافيتي..تبعثرني نبضات قلبي  

ينام العتب ويستبيح كياني في الهوى.. 

تفيض خوابي شعري وأثمل..تنساب أنفاسي 

على سيمفونية الكؤوس وسحر الشجن في الرجاء  


نبيذ شعري ألهمه عشق الحيارى 

الذي يناجي حمرة الخمر على كأس النسيان 

يسامر النجوم والكواكب وحكايات 

 ألف ليلة وليلة وأساطير شهريار وشهرزاد  

والليالي الملاح..

ف طقوس ذاك الزمن هجرت واندثرت 

ولم يبق منها إلا رفات مسودة بالية  

كتبت من رماد الذكريات وسراب الحنين  

تُروى للأجيال وكأنها حلمٌ كان في الزمان  


وعلى أجنحة الشوق تطير روحي للهوى  

تبحث في ظلال الليل عن سر الخلود  

وفي مرافئ النجوم تنام أماني العاشقين  

وتُكتب حكاياتهم على جبين القمر الورود  


وفي ليالي السهد تُحكى أساطير الحب  

وتنسج من خيوط الشمس شعاع الأمل  

يا ليت الزمان يعود بنوره وصفائه  

فنروي حكايات الهوى في كل مقل.


الشاعرة عائشة ساكري تونس 🇹🇳

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال