ظل بلا بيت
بقلم غريب صبحي
في زقاق من زمن سقط من تقويم الحياة تجلس امرأة على حافة وجودها لا تعرف ان كانت في بداية انهيار ام نهايته لا تسند رأسها فقط بل تسند ما تبقى منها يد ترتجف كأنها تمنع روحا من الانزلاق عيناها لا تنظران الى شيء لكنها ترى كل شيء ترى الايام التي لم تعشها والاحلام التي لم تكبر والخسارات التي لم تقلها لاحد ثوبها البالي لا يشكو الفقر بل يشكو الانطفاء القديم الذي اصاب القلب قبل الجسد
امامها طاولة عليها اوراق مبعثرة كأنها افكار سقطت قبل ان تتحول الى قرار وفنجان قهوة بارد لا طعم فيه سوى طعم الانتظار والخذلان لا حبر لا توقيع لا رسالة فقط بقايا امرأة كانت تحاول
طفلة بجوارها تميل بجسدها الصغير كأنها تطلب شيئا لا تعرف اسمه تطلب قربا دفئا صوتا حضنا مجرد لمحة انتباه لكنها لا تبكي ولا تلوم فقط تنحني بصمت كأنها اعتادت الغياب حتى وهي في الحضور
ورجل هناك يحمل رضيعهم لا يبدو انه يحتضنه من شوق بل من واجب عيناه لا تريان شيئا لا في الرضيع ولا في الغرفة كأنهما عالقتان في مكان لم يعد له باب يقف لكنه لا يقف يعيش لكنه لا يعيش صوته غائب وملامحه مطفأة كأن الحياة انسحبت منه في لحظة دون ان تودع
الغرفة باهتة الوانها مطفأة الجدران سئمت الاصغاء والاشياء تآكلت من الصبر لا فقر فيها لكنها فقيرة من كل شيء فقيرة من الحنان من الفرح من الامل من الضحك حتى من الرغبة في النجاة
هذا البيت ليس بيتا بل صدفة جمعت ثلاثة انهكهم الدور وواحد لا يدرك بعد انه ولد داخل الفراغ لا صراخ لا شتائم لا رحيل لا شيء سوى استمرار غامض يصفق للانطفاء بأيد مرتجفة يقدس الواجب ويخاف من الحقيقة
المرأة لم تعد تشرح شيئا والرجل لم يعد يفهم شيئا والطفلة تنمو في صمت والرضيع يرضع من صدر لم يعد يعرف كيف يمنح الحليب ولا الحنان
انها المأساة التي لا تصرخ لكنها تأكل كل شيء من الداخل حين تتحول الحياة الى التزام دون شعور والدفء الى ذكرى دون دفء والاحلام الى وثائق قديمة لا يجرؤ احد على قراءتها
هذه ليست حياة هذه بقايا حياة هذه ظلال لا تعرف الى اين تمضي لكنها تمضي رغم كل شيء خوفا من السقوط رغم ان السقوط قد يكون خلاصا في ب
عض الاحيان