عيون الحزن بقلم الأستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني

 "عيون الحزن: من جراح الطفولة إلى حماية الأجيال"


منذ أن عرفتها، رأيت في عيونها الحزن يسكن أعماقها، كأنها تحمل في قلبها كومة من الهموم التي لا تنتهي. عيونها كانت مرآة لتاريخ من الألم، تجتمع فيها كل جروح الزمن، وكل القسوة التي تعرضت لها، منذ الطفولة. رغم ابتسامتها التي تخفي وراءها عالمًا من الشقاء، لا تزال نظراتها تروي حكايات من الألم، مع كل طرفة عين.


كانت تحمل عبء الحياة بأكتاف ضعيفة، لكن ملامح وجهها تعكس شجاعة لا تصدق، رغم كل ما مرت به. في عيونها تجتمع قصص من القسوة، من حرمان وفقر، من قتل للأحلام، وفي كل لحظة كانت فيها شاردة، كنت أرى بعيونها معركة غير مرئية مع الذكريات التي لا تهدأ. هي التي تعيش بين الحلم والواقع، وبين الآمال المفزعة التي لا تعرف الراحة.


والآن، أراها تحمل همومًا أكثر من أي وقت مضى، مع كل ذكرى مؤلمة من ظروف القتل والظلم التي مرّت بها الطفولة في تونس. ورغم كل الألم الذي عاشت فيه، وجدت نفسها تعمل في ميدان حماية الطفولة، حيث تجد نفسها وسط الأطفال الذين يعانون من ما عانته، وتحاول أن تضع يدها على جراحهم بأمل أن يكون لها دور في شفاء ما يمكن شفاءه.


لم تتوقف عن حمل تلك الهموم، لكن روحها تواصل القتال، لا تسلم أمام الحزن، بل تجعل من ألمها أداة للعمل. هي التي تحاول أن تمنح الحماية والفرص للأطفال الذين لا يزالون يعانون من الألم الذي عاشته، تفتش في عيونهم عن الأمل الذي فاتها.


بقلمي الأستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال