*** اللُّقيـــا ***
أنا يا تونس ما جئتك عاشقًا
أو حاملا بيدي وردة وكتابا
لكنني رجلٌ قد تكسّرت الرؤى
في قلبه تمزّقت كذا أسبابا
جئت صارخا من جراحٍ أُمّتي
و أُريقُ من وجع دما مُنسابا
وطن باحث عن صغارٍ حالمين
ما خانـوا هوى و لا الأحبابا
في عيني دمع وفي كفِّي هوى
مات في لغَةِ السكوتِ عتابا
يمشون في زمنِ الخداعِ كأنهم
سيفٌ يشقُّ الحُلمَ و الأوهابا
لقد علّموني أن أكونَ المقاومَا
لا أرتضي في ضيم أن أنسابا
قالوا إذا سقطَ الفتى متعثرًا
فلينهضِ بعده الآتي ليبلغ نابا
اليوم عدتُ في الفؤاد رعشةٌ
تشدو بلقيا كل من مضى و غابا
كم انتظرتُ لقاك في وحشة
لأستعيدَ النبض و الود والصحابا
ها أنتمُ، والشوقُ أوقدَ نارَهُ
في مهجتي و سقى القلب الرُّضابا
عادتْ الأيّامُ ضحكةَ طفلة
قد سمعتُ في صوتِ حنينِ جوابا
موطني جئتُ رغم الجراح
أحملُ إليك الورد و الفلّ و الأهدابا
ما خابَ من جعل الوفاءَ عقيدَةً
و سقاه من طلّ الرجاءِ عبقا شرابا
يا تونسُ الخضراءُ يا حلمَ الصِّبا
يا من علمتني كل الحروف و الإعرابا
لِم كل ذا الغيابُ و الشوق والنّوى
صدرُ الوطن فيه دفءُ لمن نأى و غابا
أ. محمد الصغير الجلالي / تونس