بقلم الأستاذ الشاعر محمد الصغير الجلالي

 🌟 فتاتُ الدهشة 🌟

✒️ أ. محمد الصغير الجلالي


يقفُ الشاعرُ


على أبوابِ المعنى،


كما يقفُ الشحّاذ


على بابِ الوالي.


يمدُّ يدَهُ


لا يستعطي،


بل يستدعي شرارةَ حرفٍ


تفلتُ من قبضةِ الظلّ،


وتصعدُ


كأنّها أنينٌ


يبحثُ عن صدرٍ


يليقُ به.


ويعودُ،


كلّما ضاقت بهِ الخيبات،


إلى بابٍ آخر؛


فالمعاني ممالكٌ


لا يدخلها


إلّا من خلعَ تاجَ الكلام،


ووقفَ مثله


عارياً


إلّا من شغفِ السؤال.


ويطولُ وقوفُهُ…


فلا ينفتحُ بابٌ،


ولا تُفصحُ فكرةٌ


عمّا تُخفيه


في سودِ الليالي.


لكنَّهُ،


مع كلِّ محاولة،


يفقدُ من عتمتِه


قليلاً،


ويربحُ


خطوةَ نورٍ


تتقدّمُ فيه.


وحين يظنُّ


أنَّ الطريقَ انسدّت،


تنهضُ كلمةٌ


من تحتِ الرماد،


وتجودُ عليه


بفتاتِ دهشتِها،


فيجثو عليها


كما يجثو العطشانُ


على نبعٍ


من شفيف الماء .


وهكذا يمضي…


يطرقُ أبوابَ المعاني،


يجدُ نافذةً مرّة،


ومرّةً أخرى


مرايا


أو حكايا .


حتى إذا بلغَ


بابَهُ الأخير،


وجدَهُ مفتوحًا؛


واكتشفَ


أنَّهُ كانَ طوالَ الوقت


بابَهُ هو،


وأنَّ المعنى


كان واقفًا


على عتبتِهِ


ينتظرُ عودتَه.


وهناك،


يدرك أن القصيدة


لا تُكتَب بالحبر،


بل بشغفٍ


يسقطه الوجد،


فتنفتح دهشةُ المعنى،


ويصبح الشاعرُ والمعنى


وجهين


لمحمومِ الكلام.


📍 تونس ، 28 -11- 2025

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال