عناق الصوت
حين يُولد الصمت من أنفاسك، لا يعود الفراغ فراغًا، بل يمتلئ بي، يمتدّ كظلٍّ لعينيكِ في ظهيرة انتظار. صوتكِ ليس موجًا فقط، بل بحرًا يُغرقني كلّما اقتربت، ولا أرغب في النجاة. أنا لا أبحث عنكِ، لأنكِ في داخلي تسكنين، تسهرين على قلبي كما تسهر النجوم على حكايات العاشقين.
حين تتكلّمين، تتفتّح في صدري نوافذ لم أعرفها، وتنهض من بين الحروف مدنٌ تسير على مهل، فيها كلّ شيء يشبهكِ: ضوء المصباح، ضحكة العابر، وحتى المطر له رنين يشبه وقع خطاكِ. أنتِ لا تهمسين لي فقط، بل تُلقين تعويذة البقاء، فلا أنسى، ولا أشفى، ولا أريد.
أنا يا امرأة الصوت الدافئ، لا أحبكِ لأنكِ جميلة – بل لأنكِ تملكين القدرة على تحويل البرد دفئًا، والخوف أمانًا، والوحدة سمفونية نبض. وحدكِ تملكين هذا الصمت المليء بكِ، هذا الغياب الذي يحكيكِ أكثر من أي حضور.
كلّ نبضة منكِ تكتبني من جديد، تزرعني وردًا في حديقة لم أعرف أنني أنتمي إليها، وكلّ مرّة تنادينني، أنسى ما كنت عليه، لأكون فقط… لكِ.
فلا تسكتي، ولا تتكلمي كثيرًا – فقط كوني صوتكِ، وسأكون أنا، المستمع الأبدي لعطرٍ لا يُقال، ولأغنيةٍ لا تنتهي.
ربا رباعي
الاردن