حروفُ جمالِ أمي بقلم الشاعر القدير بديع عاصم الزمان

 حروفُ جمالِ أمي


أمي، حرفُ جمالكِ ينحتُ في الفؤادِ

كأنغامِ العودِ تداعبُ الأعماقَ،

وروحُكِ تسرحُ وتغدو بلا انقطاعٍ،

تحملُ الأملَ وترتقي فوق السُّمَاكَ.


تناغمت أنفاسكِ مع دقاتِ قلبي،

وأنتِ أولُ حرفٍ في ديوان حياتي،

نورٌ يسكنُ الصمتَ، ونصرٌ دائمٌ،

من أولِ السطرِ إلى خاتمةِ الرُّؤى.


ومن يديكِ انطلقتُ إلى "أمِّ الكتابِ"،

حروفٌ تفتحُ أبوابَ العلمِ والنُّورِ،

تطردُ ظلماتِ الجهلِ والضلالِ،

نورٌ يهدي إلى مسالك السلامِ والحبورِ.


يا ضوءَ الحرفِ، فيكِ البيانُ يزدهرُ،

وفي سبعِ آياتٍ تجلّى البيانُ،

مفتتحٌ خالدٌ لا يزولُ عبرَ الدهرِ،

تجلّى فيه ربُّنا صفوُ الرحمنِ.


نبعُ الرحمةِ فيه يتدفقُ مرجعًا،

وسلطانُ الحكمِ والحياةِ فيهِ،

عهدٌ توحيدٌ نقيٌّ وصفاءُ خالصٌ،

زادُ القلوبِ التي تزهى وتضيءُ.


هدى لا يزيغُ ولا يختفي في الليلِ،

نورٌ ينيرُ دربَ العابرينَ دومًا،

تحذيرٌ من السقوطِ في بحرِ الدجى،

غيومٌ تجرّ الغروبَ الحزينَ بلا أمانِ.


فيكِ النحوُ والصرفُ والبلاغةُ دائمًا،

وفيكِ يا أمي فاتحتي ودفاتي،

تُختتمُ البداياتُ بحكاياتها،

وتُنسجُ بالحروفِ أسمى الذكرياتِ.


حروفُ جمالكِ رضا وسلامٌ وأمانُ،

رضا الربّ في أنفاسكِ يُسكبُ برهانُ،

حبٌ إذا وُصف استحال، وأصبح كالغيمِ،

إلا في دربكِ يا نورَ المدى والزمانِ.


أنتِ ضوئي الأولُ في القلبِ دائمًا،

إن غاب البيانُ يبقى صوتكِ حكمًا،

وقبل الحروف كنتِ علومي وذخيرةً،

وفي قبلةِ يديكِ سرُّ الدعاءِ يُشعّ.


بها يُفتحُ بابُ فهمي ونوري،

كطفلٍ نائمٍ على حنانِ الرحمنِ،

إذا صليتِ، صلّى النورُ فينا دومًا،

وذكرُك عادَ من طهرِ النبيِّ والإنسانِ.


فإن رضيتِ رضي اللهُ عنّا دائمًا،

ومن عينيكِ ينسابُ نهرُ الحبِّ والعطفِ،

يا أمي، إذا ناديتُ طيفًا،

تجيبني السماءُ تقولُ: "أمي".


لكِ من كل فجرٍ سجدتُ فيه،

دعاءُ القلبِ مكنوزٌ بعلمي ووفائي.


بديع عاصم الزمان

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال