أنا الآه....إن ضاع فيه الجواب
كتبتُ وكتبتُ، ولمّا ارتويتُ
سقتني الحروفُ جفافَ الجوابْ
كأنّي أُنادي الفراغَ بصوتي
فلا أحدًا في المدى يستجابْ
أنا الهامشُ... إن خطّتِ الكفُّ متنًا،
تجاهلتْ دمعيَ المستتابْ
أبيتُ على ورقٍ من سكونٍ،
وشمسي على حافّةِ الاغترابْ
أحدّثُ نبضي بصمتِ الحروفِ،
فيسكتُ قلبي، كأنهُ غابْ
تساقطني الأقلامُ إن مرّ ظلي،
كأنّي خطيئةُ بيتٍ خرابْ
أيا أيها الحبرُ، هل فيكَ دفءٌ
يواسي يدي؟ أم أنا السرابْ؟
أبُثُّكَ همّي، فتُبقيه سرًّا،
وتَحذفُ منّي صدى الخطابْ
فمن لي؟ ومن للغريبِ إذا
تدلّى على الحرفِ نابُ العذابْ؟
ومن لي إذا اشتدّ وهجُ السُكونِ،
وصار الدُجى لي رفيقَ العتابْ؟
إذا مزّقَ الصمتُ نبضيَ وجدًا،
وأضْحى الدواءُ، بقلبي، خِضابْ؟
أنا المنسيُّ على حافَةِ الوقتِ،
أنامُ على مقصلةٍ لا تهابْ
أسائلُ وجهي: "أما من ملامحْ؟"
فيضحكُ وجهي، وفيه اكتئابْ
كتبتُ، كأنّ الكتابةَ موتٌ،
يؤجَّلُ حتى يُعلَّقُ بابْ
وكلُّ القصائدِ، إن لامستني،
تمرُّ كطيفٍ، وتنسى الجوابْ
لعلَّني أعودُ كأوّلِ وجعٍ،
تكوّرَ في الروحِ... لا يُستتابْ
أجرُّ خطايَ على فتنةِ البوحِ،
كأنّي قصيدٌ... غفا ثم ذابْ
فلا الحرفُ يروي، ولا الدمعُ يمحو،
ولا القلبُ يعرفُ كيفَ يُصابْ
أمرُّ على وجعي كلَّ فجرٍ،
كأني دجى بلا مُنقَذٍ، غابْ
أراوغُ موتي بأنفاسِ حلمٍ،
وأكتبُ في الريحِ لحنَ الغيابْ
أُخبّئُ حزني وراءَ السكوتِ،
وأُلقي على الظلِّ ثوبَ العتابْ
فدعني، حروفي، أسيرُ وحيدًا،
أنا الآهُ... إن ضاعَ فيهِ الجوابْ
بقلم الشاعر رضا بوقفة. شاعر الظل
وادي الكبريت
سوق أهراس
الجزائر
الشعر اللغز الفلسفي