قصة حزينة بقلم الأستاذ الشاعر محمد أبو ياسين

 قصة حزينة ..1..

فتح عينيه ، و أغمضها من جديد

كان النّعاس يهيمن على ناظرَيْه كالغراب الذي بسط جناحيه ليغطّي وجهه الشاحب ، شعر بصداع شديد يشق رأسه يكاد يقسمه إلى نصفين ، إبتلع ريقه بعسر شديد ، و كأن البلعوم قد نسج داخله عنكبوتا منذ عقود من شدة العطش الذي يشعر به ، همّ بالقيام ليذهب إلى دورة المياه و يقضي حاجته كما كان يفعل كل صباح ، جمع ما لديه من جهد ليستوي جالسًا ، لكن ... و كأن أحدهم قد ربط قدميه و ثبتهما معا أسفل السرير ، و يداه مبسوطتان على جانبيه ، باردتان ثقيلتان لا روح فيها ، أحسّ بالغثيان ، بوخزات كهرباء تلسع الأصابع ثم ألى يداه و ترتفع إلى ذراعيه و عاتقيه ، و بدأت محاولة أخرى لحمل شتات أطرافه المنهكة من هذا النوم العميق الذي إستغرقه البارحة ، العين تلمح السقف الأبيض و تعرجاته المصنوعة من ألواح الجبس و ألوانها المزركشة ، لأول مرة يشعر بهذا الثقل الرهيب في أطرافه ، و هذا التخدير الذي إعترى كامل جسده النحيل ، لأول وهلة سأل نفسه : أين أنا ؟؟؟ يبدو المكان غريبا ، ألوان جدرانه بيضاء كلون السقف . ستائر النافذة خضراء داكنة و باب الغرفة أخضر مكتوب في أعلاه رقما ... يبدو أنه رقم الغرفة و لكن .. يبقى السؤال المحيّر في هذه اللحظات الثقيلة الغامضة : أين أنا ؟؟

✍️ محمد آبو ياسين / تونس

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال