قلوب لاترحم الأباء بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي


قلوب لاترحم الأباء 


في زمنٍ ضاعت فيه المروءة عند بعض الأبناء، ونامت الضمائر في صدورٍ أرهقها الترف والاتكال…

نرى آباءً قد انحنى ظهرهم من ثقل السنين،

وأرهقهم الغلاء، وضاقت ذات اليد،

يتمنّون فقط أن يفرحوا أبناءهم في عيد الأضحى،

لكنهم يعجزون حتى عن شراء خروف العيد،

بينما أبناؤهم – وقد تجاوزوا العشرين –

ما زالوا يعيشون دور الأطفال، يطلبون ولا يعطون،

يلومون ولا يتفهّمون،

يحملون آباءهم ما لا طاقة لهم به…

كأنهم يجهلون أن الجيب خاوٍ، وأن القلب موجوع.


أولئك الذين لا يرحمون تعب آبائهم بعد المصاريف والمتطلبات،

كأنهم عُميٌ لا يرون أثر السنين في عيون آبائهم،

ولا يسمعون تنهدات الليل في صدورهم المكبوتة.


يريدون العيد جاهزًا:

خروف يُذبح، ولحم يُطهى، وملابس جديدة،

ولا يسألون: من أين؟ كيف؟ وعلى حساب مَن؟


يا هؤلاء...

أليس فيكم من يسأل نفسه:

لماذا لا أعمل؟

لماذا لا أكون سندًا بدلًا من أن أكون عبئًا؟

لماذا ما زلتُ أمدّ يدي، وأنا رجلٌ أو امرأة تجاوزت العشرين؟


الآباء ليسوا بنوكًا، ولا جيوبًا مفتوحة،

هم بشر لهم طاقة، تعبوا، وآن لهم أن يرتاحوا،

آن لهم أن يشعروا أن أبناءهم كبروا فعلاً، لا عمرًا فقط بل وعيًا وشهامة.


كونوا بَرَرة…

خففوا عنهم، لا تثقلوا كاهلهم،

واسعوا أن تفرّحوا آباءكم يوم العيد،

لا أن تحوّلوا أعيادهم إلى همّ وذلّ وعجز.


فمن لا يرحم أباه في شيبه،

لن يرحمه الدهر حين يدور به.


بقلمي الأديبة غزلان حمدي

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال