عرس الخلود. بقلم الشاعر بديع عاصم الزمان

 ---


💠 عُرسُ الخُلود


حُورُ الوِصالِ، ومسكُها المكنونُ

فيها القلوبُ تطيبُها الظنونُ

بيضاءُ طاهرةُ الخِصالِ، كأنها

نورٌ تلألأَ مسّهُ السكنونُ


في مقلتيها سرُّ ربٍّ خالقٍ

يسبي العيونَ، كأنّها الفتنونُ

لا كحلَ فيها، بل سوادٌ نازلٌ

من ليلِ قدسٍ، فالعُيونُ سجونُ


ترنو إليكَ كأنّها تدعو لها

أفلاكُها، وسكونُها مفتونُ

كيانُها سرُّ الجمالِ محجّبٌ

إن أبصرتكَ، تُذيبُ فيكَ السِّترُ


هيبةُ الخلقِ العتيقِ وصمتُها

صوتٌ يعانقُ رهبةَ المأمونُ

تمشي على الأرضِ ظلُّها مكعَّبٌ

كعبٌ يذكرنا بطيفِ الحينُ


كأنها خطّت طريقَ مكّةٍ

في خُطا التجلّي، والطريقُ حنونُ

تُبدي ملامحَ نورِها فتسرُّنا

وتفوحُ فيها حكمةٌ وسكونُ


وعلى ضفافِ الكوثرِ، يسري العطرُ

ألاءٌ ونعناعٌ يرويان الحورَ

من نبعِ النعيمِ تسقى الأرواحُ

حيث يتجلى الخُلدُ ويدومُ اللقاءُ


عطرُ الوقارِ وسحرُ خَلقٍ خالدٍ

يمشي، فتسكنُ فيكَ ما لا يُحصَرُ

لم يمسّها لغوٌ، ولا همزُ الهوى

بل خُلقت من طهرِ مولاها الأغرُ


عربٌ إذا ناجتْكَ تبسمَ عطرُها

وسقَتك من روحِ النعيمِ شجونُ

أترابُ عمرٍ لا يُغيّرُ عهدها

زمنٌ، ولا يبلي هواها الحينُ


فإذا العروسُ تألقت في حسنها

واحتار فيها الحورُ والسكّانُ

والعرسُ يُزفّ إلى خيامٍ طاهرةٍ

نورٌ، ومسكٌ، واللقاءُ أمانُ


يا فرحةً لم يُدرِكِ الوصفُ المُنى

جمعَ العريسُ بمن أحبَّ وصانُ

لا فُرقةً، لا شقوةً، لا غُربةً

باقٍ هنا، من دونِ أيِّ هوانُ


قد زُفَّ عبدٌ صالحٌ لنعيمه

ولقد رضاه اللهُ إذ قد آنُ


بديع عاصم الزمان

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال