قسَمٌ لا يُكسر
أيا جبلَ الألمِ، أما سَمِعتَ نداءَنا؟
قد دوّى صوتُ الحقِّ في أعلى القِمَمْ
شعوبٌ صاحتِ الآهاتِ ظلماً، إنّها
تسألْ: لماذا يُعتَقلْ أهلُ الهِمَمْ؟
أنتم قتلتمْ كلَّ معنىً للفِدا،
وهدمتمُ نُبلَ الفضائلِ والقِيَمْ
قومُ الكرامِ، وموطنُ الإحسانِ، قد
سُجِنوا لأنّهمُ أرادوا السَّلَمْ
نادوا برفعِ القهرِ عن أطفالِهم،
عن كلِّ جائعْ، عن يتيمٍ لم يَنَمْ
لا يحملونَ سوى الدواءِ وطِفْلِهم،
أين السِّلاحُ؟ وأين مدفعُهم؟! أَعِمْ؟
هم تحتَ رَدمِ الموتِ أحياءٌ قضوا،
من قسوةِ القصفِ العنيفِ بلا نَدَمْ
لا مأوَى، لا سَكَنٌ، ولا سترٌ لهم،
أين العدالةُ؟ أين أهلُ ذوي الرَّحِمْ؟
كلُّ الرخيصِ يهونُ إلّا دَمَّنا،
فدمُ العروبةِ ما يُباعُ ولا يُضَمْ
أقسَمْنَ ألفَ يمينِ حرٍّ لم يخُنْ،
أنْ لا نُفرّطَ بالحقيبةِ والحُلُمْ
سنعيدُ صوتَ الحرِّ يصرخُ في المدى،
وسنَفضحُ الطغيانَ في وجهِ الظُّلَمْ
وسنُدينُ كلَّ مَن استكانَ وخاننا،
قالوا: "نموتُ لماذا؟ ما هذا العَدَم؟!"
أما كفى موتُ الإخوةِ العُزْلِ الذين،
ماتوا لأجلِ ترابِنا، لا للغَنَمْ؟
كُتِمَتْ أفواهُ النبلِ، بل بِيعتْ دِيارْ،
وسُجّلَ البيعُ الرخيصُ بلا قَسَمْ
رسموا الخريطةَ من رمادِ خيانَةٍ،
ونسجوا الأكفانَ في ليلِ العَدَمْ
بعثوا القبورَ بلا شواهدَ تُرتجى،
لا اسمَ، لا رقمًا، ولا نورًا يُهَمْ
فبأيِّ حقٍّ تُفنِدونَ إنسانيّتي؟
كم قد قبضتمْ؟ ما الثّمنْ؟ كرسيُّ مَن؟!
أيا جبلَ الحزنِ الصّموتِ، أجبْ لنا،
ما زلتَ تصمدُ، لا تَرَى تلكَ الحِمَمْ
صرنا سكوتًا، والسكوتُ جريمةٌ،
عشنا قرونًا نعبدُ الصمتَ الأصَمْ
لم نَجمعِ الصفّ المُشتّتَ بيننا،
فمتى نعودُ لصفِّنا؟ ومتى نَلمْ؟
بقلم نادية التومي