نص بقلم سامية خليفة

 يغالبني الوسنُ أصارعُه بسحرِ البوح، أسائلُ النّجومَ متى ستفَكّ عقدةُ الصّمتِ أنادي على نجاوى الليل أن افردي نبضَكِ بلا وجلٍ، لعلّهُ يتعشّق مساماتِ روحي يغذّي بها أوردة مشاعري الصدئةِ، لتعيدَ تشكيلِ الحياةِ في بيتِ شعرٍ، في قصيدةٍ مطويّةٍ بين جنباتِ خيالي، فهيٍا انطلق يا نبضُ واحيِ جذوةً انطفأتْ، فأنا بدونِكَ جثّةٌ تتحرّكُ لكن بروحٍ هامدةٍ حتّى تطلقَ فيها سراحَ الوجدِ الكامنِ.

هكذا تتبلورُ المعاني، وأنا منكبّةٌ بكلِّ مشاعرِ العصفِ التي راودتني في نهاري، على منضدةٍ تستعرُ بلهيبِ قرطاسي الوتينِ المشتعلِ وجدًا من بعدِ صقيعٍ. أقبلُ بلهفةِ عاشقةٍ على نقشِ حروفي، حروفي التي ستُنعشُ القفارَ من جدبٍ سلسبيلِها الكوثرِ بوحيٍ، لتزهرَ مع كلِّ حرفٍ سوسنةٌ، ليغرّدَ مع كلّ صوتِ مدّّ للحروفٍ كنارٌ، كم خدشَني الخذلانُ بدونِكِ يا كلمات! كم تكسّرتْ أجنحةُ طيورِ خيالي حتّى ضمدْتِ أنيني وجراحي ويأسي يا أوّلَ حروفِ بيتِ شعرٍ أهديْتُها للنّسماتِ، لعلّها تصلُ إلى شغافِ القلوبِ الصّلدة فتليّنها، أنا ما كتبتُ شعرًا يا حروفَ وجدي لأرتقيَ إلى صفوفِ شعراءِ الغزلِ، وقد عاهدْت نفسي أنْ أكتبَ جلّ كتاباتي للمستضعفينَ في الأرضِ، أيا حروفي سأشكّلُكِ حبالَ نجاةٍ، فهيا انعتقي، لا تخذليني، وانجدي أمّةً غارقةً في جاهليّتِها، أزيلي عُصابةَ الجهلِ عن عيونٍ لا ترى الحقيقةَ، أزيلي السّوادَ الجاثمَ على أفئدةِ الطّغاة، أريدُكِ أياديَ تصافحُ السّلامَ، وتنشرُه في أصقاعِ الأرض، فلا تتردّدي عن الانبعاثِ. أريدكِ دافقةً سيولًا مدرارةً من الشّعرِ، إنه سعيي اليومي أحجّه إلى روحِ المعنى، بخيالٍ يكابدُ مشقّاتِ السّفرِ، ليعثرَ على جواهرِكِ المختبئةِ في أغوارٍ سحيقةٍ، لا يعثرُ عليها إلّا كلّ رائيٍّ امتحنَ الحياةَ.

الكتابة أبعدُ من ثرثرةٍ، أسمى من موسيقى خلّابةٍ، الكتابة في قاموسي هي جواهرُ نفيسةٌ نادرةٌ، متى عثرتُ عليها نثرت متباهيةً شذراتها في الفيافي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال