هي اللبؤة الشرسة وواحة الضو.لقلم الشاعر محمد الوداني


 هي اللبؤة الشرسة... وواحة الضو


لم تكن امرأة عادية عبرت دروبي كعابر طيف، بل كانت زلزالاً من نور، وعاصفة من الكبرياء تمشي على مهل، امرأة خُلقت من نسيج المجد، ومزجت في خلاياها شجن الهدوء، وشراسة الأرض حين تغضب وتفيض.


يسمونها "اللبؤة الشرسة"، لا لأنها تفترس، بل لأنها لا تُملَك، كالبرق لا يُمسَك، كالرياح لا تُسجَن، روحها نُسجت من لهب، وفي عينيها غابة كاملة من الأسرار، وفي صمتها نشيد لا يسمعه إلا من عبر عتبة الفهم.


هي الفاتنة التي لا تتجمّل، لأن الجمال يخجل منها، وهيبة الأنثى حين تصبح السيادة موقفًا، لا مظهرًا. تسير في المكان كأن الزمان ينهض لها احترامًا، ترفع رأسها كمن يعرف قدره، وتسكت كمن يعرف متى ينطق الكون باسمه.


ثقيلة الحضور كألف قصيدة، ولها قلبٌ لا يُفتح بمفتاح المجاملة، بل بصكّ من الوفاء، بطهارة النوايا، وبصبر المحاربين في وجه دهشة الجمال.


كتبت فيها قصائد لم تنتهِ، ولا تزال حروفي ترتجف حين أنطق اسمها، أسميتها "واحة الضو"، لأنني حين اقتربت من ظلّها، أزهرت في قلبي حدائق الضوء، واحترقت بنورٍ ناعمٍ كالحلم، يضيء ولا يُحرق، يُشعل ولا يُؤذي، يفتح داخلي نوافذ ما كنت أعرف أنّها مغلقة.


هي التي منحتني الوحي، وأعادت ترتيب حروفي المبعثرة، هي القصيدة التي لا تُكتَب، بل تُتلى همسًا على مسامع الليل الطويل.


هي قصيدتي وسيدة الحبر في دمي، رفيقة الدرب وملاذ التعب، هي من علّمتني أن الحب ليس كلمات، بل طقس مقدّس، نحجّ إليه قلوبنا العارية، فنخرج منه أنقياء، محمّلين بالنور لا بالندم.


هي الضوء حين يعتم العالم، والمطر حين يجفّ القلب، هي امرأة... لا تُشبه أحدًا، ولأجلها كتبت هذا العمر قصيدة، وأهديتها نبضي، ووقفت على أعتابها... شاعرًا يخلّد اسمها في كل سطر، ويهمس للعالم: هنا... بدأتُ الحياة.


بقلمي الصحفي الشاعر محمد الوداني

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال