في غزة... حين تنهش الكلاب لحم الشهداء
في غزة، لم يعد الليل ليلًا، ولا الجراح جراحًا تُحتمل...
السماء أُطفئت نجومُها، والأرض تنوء بثقلِ الصمت والخذلان،
وها هي الكلاب، نعم الكلاب، تُطلق أنيابها في أجساد الشهداء،
تتعشّى على لحمِ من صلّوا، وبكوا، وماتوا دون ذنب...
فهل بقي للإنسانية معنى؟ وهل بقي في الأرض من ضمير؟
إن الكلاب – في فطرتها – لا تأكل لحم الإنسان،
تشمّه، تبتعد عنه، كأنها تفهم أنه خُلق من روحٍ، لا مجرد جسد،
لكنها في غزة فعلت، نعم، التهمت أجسادًا زكيّة،
لأن شيئًا ما في هذا العالم كُسر... شيء فينا نحن، نحن البشر،
نزعنا من هذه الكائنات خوفها الطبيعي منا،
حين رأَتنا ننهش بعضنا، نُشرّع القتل، ونبرر المجازر،
تعلمت الكلاب منّا الجريمة،
فمن أكل الفطرة؟ من أفسد سُلّم الخلق؟
ألسنا نحن مَن تعوّدنا مشاهدَ الدم، حتى صرنا نُمرّ بجانب الشهيد كما نمرّ على حجر؟
في غزة، الكلاب لا تُلام...
بل يُلام من أطلق يد الموت، ومن صمت،
ومن باع القدس في صكوك السياسة،
ومن غطّى عينيه عن مشهد طفلٍ بلا رأس، وأمّ بلا جسد،
ومن قال: "لا دخل لي... هذه حربٌ لا تعنيني".
نعم، في غزة الكلاب تنهش الشهداء،
لكن الوحوش الحقيقية ليست في البراري... بل في ثياب البشر،
في العواصم الصامتة، والبيانات الباردة،
في من مات ضميره قبل أن يُقتل قلبه.
بقلمي الأديبة غزلان حمدي