من عدونا !؟
هنا غارةٌ أردتْ.. هنا مدفعٌ رمى
هنا حط صاروخٌ تفجرَ مرغَما
هناك شهيدٌ مات إثر قذيفةٍ
هنا مات إنسانٌ من الجوع والضمى
هنا اغتُصبَتْ أنثى.. هنا دمعها همى
هنا مات طفلٌ كان بالحب مفعما
هنا قرية دُكَّتْ.. هنا حارةٌ رمَتْ
بسكانها للموت فيداً ومغنما
وهاتيك حبلى أجهضت.. ها هنا قضتْ
من الخوفِ.. هذا مسجدٌ كان معْلَما
وهذا إمامٌ كان للناس مرشداً
هنا مثل عيدان الأراك تفحّما
وهذا بناﺀٌ حميريٌّ تناثرَتْ
طوابقه، مثل الزجاج تحطَّما
وهذا الذي تحت الرماد معمّرٌ
قضى عمره في طاعة الله مسلِما
وهذا الركام الآدميُّ تجمُّعٌ
لمدرسةٍ كانت لبلقيس محرما..
وتلك المليشيات تبدي تقهقراً..!
وتلك المليشيات تبدي تقدُّما..!
قَتَلنا.. أطحنا.. حقَّقَتْ ضرباتنا
مآربنا.. إنا أسرنا مُقَدَّما
ومات عقيدٌ كان في الجيش قائداً
وكان على قتل الجماهير مُقْدِما
لقد سقطت تلك المدينة.. أوشكتْ
كتائبنا أن تعلن الحسم بعدما..
وسوف نوافيكم بكل تطورٍ
وكل جديدٍ ربما جدَّ.. ربما..
ثأرنا لكم يا أيها الشعب.. إننا
حسمنا وأسقطنا المدينة.. إنما..
قَتلنا ألوفاً واستبينا نسائهم
وأطفالهم والنصر كان محتَّما
صواريخنا دكّت..ودكّت.. وربما
ندك غداً من للصواريخ صمّما
وسوف نوافيكم غداً بجديدنا
ونُعْلِمكم حتما بما كان مبهما
غدا سيكون النصر حتما حليفنا
فكن أيها الشعب العظيم مُصَمّما..
وجاﺀ غدٌ والنار تأكل بعضها
ووجدان هذا الشعب يحسو جهنّما!
لماذا؟ لأنا لا نعي من عدونا
فليس لنا أرضٌ تقينا ولا سما
نثور ولا ندري لماذا تحطمتْ
جماجمنا أو كيف نختار مُلْهِما
فتاريخنا جورٌ وظلمٌ وكلما
نثور نوَلّي كل من كان أظلما
وثوراتنا مهما أفقنا نُعيقها
ومصباحنا مهما أضاﺀ تجهما
لأنا نوَلّي أرذل الناس أمرنا
ونخذل من يبني ونقتل من سما
ونقتل بعضاً كي نُنَصّبَ فاسداً
هنا أو هنا صلَّى.. هنالك أحرما
هنا كان مأموراً.. هنا كان قائداً
هنا كان يوماً للثعابين سُلَّما
لماذا تعادينا؟ لأنا عدونا
لأنا تربينا على أنهر الدما..
أتسألني يا شعب ماذا استجد في
ثمانين عاماً؟ لم تزل بعد مُحْجِما!
د. جلال أحمد المقطري