تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي تحليل وقراءة أدبية بقلم الأديبة غزلان حمدي من تونس
النص الشعري "حقيقة في الحب" للشاعر يوسف بلعابي يفتح أبواب الاعتراف الممزوج بالخذلان، حيث يسكب الشاعر مشاعره بانسياب صادق، فيرسم صورة لعلاقة عاطفية لم تُثمر وفاءً ولا صدقًا كما كان يرجو. يبدأ الشاعر بمقدمة تؤطر الحظ العاطفي في صورة القدر النائم العاجز، وكأن السعد قد فقد عزيمته وترك القلب في منفى شعوري موحش. ومن ثم ينتقل إلى الإقرار باختياره لشريكة كان يراها سندًا، اجتهدت في إظهار الإخلاص والصدق، فبادلها الوفاء ونثر الورود على دروبها وسقاها من شهد الحب، لكنه صُدم بما خالف انتظاره.
في الصور الشعرية نلمح التدرج من الأمل إلى الخيبة، ومن العطاء إلى الاحتراق. فالمرأة في النص تحولت من رمز للسند إلى مصدر للرمد الذي يغشي البصر، ومن حاضنة للوعود إلى خائنة للعهد. ويصوغ الشاعر فعلها في صيغة القصد "هجرت قلبي عمدا"، ليؤكد أن الألم لم يكن وليد الصدفة بل فعلًا مدروسًا. وهنا يتصاعد التوتر العاطفي ليبلغ ذروته في صورة الاحتراق: "أنا اليوم أحرق صورتها"، وهو فعل رمزي يحمل معنى التحرر من قيود الحب الموجع ودفن الذكرى بلهيب الغضب.
النص يتميز بلغته البسيطة الواضحة، لكن خلف هذه البساطة تتوارى قوة العاطفة وحرقة التجربة، حيث يوازن الشاعر بين المباشرة في الاعتراف والتكثيف في الصور. واللافت أن النهاية لا تنغلق على مأساوية مطلقة، بل تُعلن قرار الانفصال النفسي والوجداني: "وفيه لم أعد أرغب / لأنني لست السبب"، مما يشي بحكمة مستخلصة من التجربة ورفض للانكسار.
الشاعر يوسف بلعابي يكتب هنا بصدق ينمّ عن تجربة معاشة، وبحس شعري يجمع بين صفاء العاطفة ورهافة التعبير. فشكرًا له على هذه البوح العميق الذي يُحيل الألم إلى نص أدبي خالد، يستوقف القارئ ليعيد النظر في الحب وما يخفيه من وجوه متناقضة.
مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي
--------
-حقيقة في الحب-
حظي في الحب
نائما أبدا
والسعد خارت قواه
وفي الخلاء والمنفى رقد
اخترت من تكون
لي سندا
وفي الإخلاص
والصدق مجتهدة
تفي بالوعد
وتصون العهد
كنت لسعادتها مخلصا
فرشت دروبها الورد
وأسقيتها من الحب الشهد
لكنها أرتني في الهوى النكد
اسكتها في عيني
صارت لعيني الرمد
هجرت قلبي عمدا
وأضرمت فيه نارا
أنا اليوم أحرق صورتها
وممن في حبها قد زهد
وفيه لم أعد أرغب
لأنني لست السبب
بقلمي يوسف بلعابي تونس