شكراا بقلم الأستاذ الشاعر معز ماني

 شكرا ...

شكرا لكلّ من ركلني برفق

علّمني أن السقوط رياضة روحية

وأنّ الأرض حضن المتواضعين

شكرا لكلّ خيبة علّمتني

أنّ الأمل مجرّد إعلان تجاري

وأنّ الصبر كذبة برعاية

وزارة الشؤون المعنوية ..

شكرا لكلّ غدر راق

فقد اكتشفت أنّ الطعن في الظهر

يحتاج إلى ذوق عال في التوقيت

وأنّ الخيانة لا تأتي إلا من أناس

يمتلكون شهادات في الأخلاق المزيفة ..

شكرا للدموع ..

لقد غسلت وجهي من حيائي

وصار البكاء عندي عادة اجتماعية

أمارسها في المناسبات الوطنية ..

شكرا لمن أدار ظهره لي

فلولاهم ما عرفت جمال الخيانة حين تأتي

من زاوية فيها ضوء شمعة وأغنية حزينة ..

شكرا للأبواب المغلقة

فقد علّمتني أن المفاتيح صناعة استعمارية

وأنّ الداخل إلى ذاته لا يحتاج أبوابا أصلا ..

شكرا للغروب ..

فقد أخذ ألواني القديمة

وأعادها في نشرات الأخبار كلّ مساء

وكأنّ الشمس هي الأخرى

تعمل في العلاقات العامة ..

شكرا للأحلام التي رحلت

فلولاها ما عرفت أن الواقع

أكثر قدرة على الإهانة من الكوابيس ..

شكرا للحياة ..

بقسوتها وسذاجتها وتناقضاتها

فقد صنعت منّي تمثالا بارعا في التحمّل

يبتسم في وجه الرصاص

ويقول أنا بخير والحمد لله ..

وشكرا لكلّ من قال لي اصبر

بينما كان يأكل من صحن دموعي

ويرتشف من نضجي الساخن على مهل

شكرا أيها العالم الكريم ..

لقد علّمتني فنّ الشكر على الهوان

حتى صرت أشكر الألم قبل أن يأتي

وأهنّئ نفسي على الجرح

قبل أن ينزف ...

                                 بقلم : معز ماني . تونس .