قراءة نقدية راقية للأستاذ الشاعر والصحفي محمد الوداني



 قرائتي النقدية لقصيدة

مازلتُ انتظر


أيتها القابعةُ خلفَ جدرانِ بيتكِ العتيق ..

أما آنَ لكِ إزالةُ الستائرِ و فتحَ النوافذِ

لتعرفي بأني منتظرٌ على قارعةِ الطريق ..

أما آنَ لعزلتكِ أنْ تنتهي 

كمْ منْ مرةٍ حاولتُ التواصلَ معكِ ..

كمْ منْ مرةٍ قرعتُ بابَ داركِ ..

كمْ منْ مرةٍ كتبتُ لكِ رسائلُ عشقٍ ..

كمْ منْ مرةٍ صرختُ بأسمكِ ..

أشتقتُ إليكِ و الشوقُ اتعبني 

ألمْ أكنْ لكِ الصاحبَ و الحبيبُ و الصديقْ ..

ألمْ تعاهديني بوصالٍ أبدي 

دونَ فراقٍ ..

دونَ ألمٍ ..

دونَ حزنٍ ..

دونَ آهاتٍ تحرقُ أنفاسي و تحبسُ الشهيقْ ..

كلَّ يومٍ أطرقُ بابكِ منذُ سنينْ

كلَّ يومٍ أناديكِ منذُ سنينْ

كلهمْ يكذبونْ كلهمْ يفترونْ

قالوا بأنكِ ذهبتِ إلى العالمِ الآخرِ

عندما حملوا النعشَ على أكتافهمْ

كنتُ على يقينٍ بأنهُ فارغٌ

و إنكِ لستِ فيهِ ..

كلهمْ كانوا يكذبونْ

كلهمْ أرادوا الفراقَ لنَّا

عبثاً يحاولونْ ..

وحدي بقيتُ غيرَ مصدقٍ

و لنْ أصدقَ ما يقولونْ ..

لأنكِ عاهدتني بالبقاءِ

ألمْ تقسمي لي بأنَ قبراً واحداً سيجمعُ كلينا ..

لأنكِ لمْ تنقضي عهداً قطْ

إني مصدقٌ لكِ دونَ الآخرينْ ..

سأبقى انتظرُ إلى أنْ تفتحي النوافذَ

إلى أنْ تفتحي البابَ

إلى أنْ تردي عليَّ ..

أسألكِ بحقِ العشقِ الذي بيننا

أما آنَ لكِ أنْ تزوريني بالمنامِ

أنتظركِ لتقولي ليَّ بأنهمْ يكذبونْ

ألمْ تشتاقي لعناقي ..

ألمْ يضنيكِ الشوقُ و الهيامُ

أينَ غيرتكِ القاتلةُ

أينَ كلماتكِ المعسولةُ

أينَ قصائدكِ

أينَ تغزلكِ بيَّ ..

أما سئمتِ الصمتَ و السكونَ ..

أنا لمْ أملَّ الإنتظارَ 

مازلتُ أنتظرْ

و سأبقى أنتظرْ 

نعمْ .. سأبقى أنتظرْ !

 الشاعر الدكتور جمال مصطفى 


القصيدة التي بين أيدينا تجسد حالة من الحنين والشوق المفعم بالألم والانتظار الطويل. الشاعر الدكتور جمال مصطفى يعبر عن مشاعر فقدان واشتياق عميقة، مستخدماً لغة مؤثرة وصورًا قوية لإيصال تجربته العاطفية. 


 تحليل القصيدة:


1. العنوان:

   "مازلتُ انتظر" عنوان يختصر مضمون القصيدة، حيث يتمحور النص حول فكرة الانتظار والأمل المتواصل رغم الفراق.


2. البنية والأسلوب:

   القصيدة تنتمي إلى الشعر الحر، مما يتيح للشاعر استخدام تراكيب متنوعة وأساليب متعددة دون التقيد بقافية محددة، مما يعزز من تأثيرها العاطفي.


3. التكرار:

   الشاعر يستخدم التكرار بشكل بارز للتأكيد على حالته النفسية. على سبيل المثال، تكرار عبارة "كمْ منْ مرةٍ" يعكس محاولاته المتكررة للتواصل مع المحبوبة، وتكرار كلمة "كلهمْ" يبرز شعوره بالخيانة والخذلان من الآخرين.


4. التضاد:

   يظهر التضاد في مشاعر الشاعر بين الأمل واليأس، وبين اليقين والشك. فرغم تأكيد الجميع على رحيل المحبوبة، إلا أنه يتمسك بيقينه بأنها لم تغادر.


5. الصور الشعرية:

   الصور الشعرية المستخدمة تعبر عن الألم والشوق بطرق مؤثرة، مثل "تحرقُ أنفاسي و تحبسُ الشهيقْ"، و"أشتقتُ إليكِ و الشوقُ اتعبني"، مما يضفي على النص بُعدًا إنسانيًا عميقًا.


6. النداء والتساؤل:

   الشاعر يلجأ إلى استخدام أسلوب النداء والتساؤل كوسيلة للتعبير عن شدة حنينه ورغبته في التواصل مع المحبوبة، مما يخلق نوعًا من الحوار الداخلي المشحون بالعاطفة.


7. التشكيك والتأكيد:

   يعتمد الشاعر على التشكيك في رواية الآخرين ("كلهمْ يكذبونْ") والتأكيد على وعد المحبوبة بالبقاء ("لأنكِ لمْ تنقضي عهداً قطْ"). هذا التناقض يعكس حالة الصراع الداخلي للشاعر.


 النقد والتقييم:


- القوة العاطفية: القصيدة تمتاز بقوة عاطفية عالية، حيث ينجح الشاعر في نقل مشاعر الفقد والانتظار ببراعة، مما يلامس قلب القارئ.

- التكرار والرتابة: على الرغم من أن التكرار يساهم في تعزيز التأثير العاطفي، إلا أنه في بعض الأحيان قد يؤدي إلى شيء من الرتابة، ما قد يتطلب التنويع في الأسلوب.

- الصور الشعرية: الصور المستخدمة قوية ومعبرة، لكن كان من الممكن إضافة مزيد من التنوع في الصور لإثراء النص.

 الختام:

القصيدة "مازلتُ انتظر" تمثل عملًا شعريًا قويًا يعبر بصدق عن تجربة إنسانية مؤلمة، وتظهر براعة الشاعر الدكتور جمال مصطفى في نقل مشاعر الفقد والحنين بصدق وشفافية. مع تحيات الشاعر الصحفي محمد الوداني

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال