تحليل نقدي مصطفى محمد العياشي



 تحليل نقدي بقلم الدكتور مصطفى محمد العياشي 

قصيدة "عطر الروح" للشاعرة التونسية عائشة ساكري تعبر عن مشاعر حب ووجدان عميقة، حيث تستحضر الشاعرة قهوةً، ليس كمجرد مشروب، بل كرمز للحب والشوق والانتماء.


تحليل نقدي:


1. التعبير عن الحب: القصيدة لا تقدم الحب كمجرد شعور عابر أو تجربة تقليدية، بل تضفي عليه بُعداً روحياً. فالحب هنا يتجاوز الزمن والتفسيرات السطحية، ولا يمكن قراءته في "فنجان عرافة"، بل يراه القارئ كتجربة ذاتية عميقة تتداخل فيها الأحاسيس بمرارة القهوة وسوادها.


2. استخدام الرموز: القهوة رمز للحب الأسود والعشق العميق الممزوج بالمرارة. وتأتي هذه الصورة لتعكس معاناة الشاعرة في الحب، فهي تكتفي بمرارة هذا الحب دون محاولة لتحليته، كأنها تؤكد على قبولها لهذا العشق رغم ما فيه من ألم.


3. التناقضات: الشاعرة توظف التناقض بين الرغبة في التحرر من قيود الحب وبين الاستمرار في الاستمتاع بعذاباته. فهي تطلب من "قهوتها" أن "تفك قيودها"، لكنها في ذات الوقت تستعذب العذاب المرافق لهذا العشق، كأن الشاعرة تجد راحتها في الألم نفسه.


4. التكرار والإيقاع الموسيقي: يتميز النص بتكرار الصور والمشاعر، ما يضفي عليه إيقاعاً موسيقياً يسير بإيقاع الرشفات المتتابعة من القهوة. هذا التكرار يعبّر عن حالة الحب المتكررة التي تعيشها الشاعرة والتي تدور حول "عطر القهوة"، مما يرسخ الفكرة الأساسية ويمنحها ثباتاً في وجدان القارئ.


5. الصورة الختامية: اختتمت الشاعرة بمشهد متكامل من العشق والاستسلام، حيث تتداخل شفاه الشاعرة مع شفاه فنجان القهوة في صورة مجازية مؤثرة عن رغبتها الدائمة في التوحد مع هذا العشق.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية.


**عطر الروح**


يا قهوتي، صبراً ففيكِ حديثُ وجدانِ

قد جفّ ليلي وغاب الحرفُ عن بوحِ بيانِ


الحبُّ، لا يُقرأُ في فنجانِ عرّافةٍ

ولا في كفِّ خيالٍ ينسجُ الأحزانِ


عشقي كقهوةٍ سوداءَ حالكةٍ

دون سكرٍ أو طِيبٍ في الأزمانِ


لكنّ عطرَكِ يغني عن وصفِ الورى

يفوقُ زهرَ الروحِ في عمقِ المكانِ


كلّما ضاقت بي الأيامُ أرتشفُكِ

لهفةَ العاشقِ، رغمَ لهيبِ النيرانِ


قد اكتفيتُ يا قاتلتي من ذكرياتِ أمسٍ

ومن حروبٍ تَملأُ قلبي بالأشجانِ


فكّي قيودي وأطلقي روحي من أسرها

ودعيني أحيا في طيفِ ليلِكِ الفتانِ


أنا وأنتِ هنا، والعمرُ زادَني شوقاً

هنا، لا تراني ولا أراكِ في عيونِ عابرٍ مُرهقِ الزمانِ


أنفضي عنّي غبارَ أسرِكِ يا شجوني

وداوِ جرحَ القلبِ بدلالِ حنانِ


دعيني أجمعُ شظايا عمري المرهقِ

وأرسمُ درباً عبيره ذكرى الأمانِ


لا أبتغي ثمرَ حبٍّ ضاعَ في أوجاعه

بل حضنَكِ الدافئَ، ملاذَ عاشقٍ حيرانِ


أنتِ قاتلتي، وأنا التوّاقُ لعطركِ

كلّما مرّت بي رائحةُ الوردِ والريحانِ


برشفةٍ تُهديها شفاهُكِ لشفاهي

أرتوي وأحيا بعطرِ قهوتكِ الحان


عائشة ساكري تونس 🇹🇳

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال