جلست على ضفاف النهر.الشاعر أبو ياسين

 جلستُ على ضفاف النهر أتأمل جمال الغروب ، حين تسافر الشمس إلى مكان بعيد تجرُّ أثواب النور ، و في لحظات تدثّر الوادي برداء أسود و عمّ الظلام الموحش ، تعالت أصوات نقيق الضفادع و هدأت الطيور بعد ضخبها المعتاد و هي تطعم فراخها بعد مجيئها من رحلة طويلة لجلب القوت ، وحدي هنا ، أرتجف من البرد و نسائم الشتاء عند الأصيل لا ترحم ، هممت بالخروج ، تراقصت أمامي ذكريات لطيفة ناعمة ، نسيت الزمن و ما عدت أشعر بالمكان ، و ما إنتبهت إلا و على صفحة مياه النهر إرتسم القمر و قد إستدار حجمه بدرا تاما كاملا هذه الليلة ، ظننته خرج من الماء لأنني لم ألاحظ طلوعه من المشرق و إنعكس ضياءه بهيجًا أعاد للنهر جماله الأخّاذ ، كل شييئ أضحى لونه أرجوانيا شاعري ينعش النفس و يبعث الأمل ، تلاشت وحشتي و تسلّل الأنس إلى فؤادي ، و أنتشت كل مخلوقات الله في الوادي و في لمحة البصر بُعِثَتْ الحياةُ من جديد ، و لكن تبادلت الأدوار للأحياء الجدد و تهمس في لطف لا مثيل له : أن لا تقلقوا راحة النائمين الذين خلدوا إلى أعشاشهم و هم في سبات ، و لنعمل نحن طوال الليل في حركة دؤوبة إلى مطلع الفجر .

أي روعة في هذا الكون الفسيح سبحانك ربّي

✍️ محمد آبو ياسين / تونس

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال