تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ محمد الوداني والشاعرة الأديبة غزلان حمدي



 قصيدة "أحاسيس شتوية" لعائشة ساكري تعكس مشاعر الحب والخيبة في إطار شتوي يمزج بين برودة الطقس وبرودة العواطف. الجو العام يتسم بالحزن والغموض، حيث يظهر انكسار داخلي يتردد صداه بين السطور. النص يصور ألمًا عاطفيًا ينبع من خيانة أو تردد في الحب، وهو شعور إنساني مشترك يُعبر عنه بلغة مليئة بالعاطفة.


استخدمت الشاعرة لغة تصويرية تجمع بين الطبيعة والمشاعر الإنسانية، كما في قولها: "زجاج نافذتي لامسته زخات مطر ناعمة كأنها تداعب وجنتي حبيبتي الحزينتين". هذا التصوير يربط بين ملمس المطر وحالة الحزن. التكرار في النص يعزز الحيرة والتساؤلات، كما يظهر في عبارة: "إلهي رغبة طفلة تلهو عابثة أم هي سحابة صيف لا مطر فيها عابرة".


الحوار الداخلي والخارجي أضفى على النص ديناميكية وحيوية، حيث تعبر الكلمات المختارة مثل "برد قارس"، "جمرة مشتعلة"، "دموع عينيها"، "كارثة" عن طاقة عاطفية تعكس ألم الذات وارتباكها.


الشتاء ليس مجرد خلفية زمانية، بل رمز للوحدة والبرود العاطفي. المطر يظهر كرمز للتطهير أو الأمل المؤجل، بينما الزجاج يمثل حاجزًا بين الذات والعالم. النص مترابط من حيث تصاعد الأحداث العاطفية، حيث يبدأ بالسهر والحيرة وينتهي بالانكسار والمغادرة. الصور الحسية المستحضرة، مثل البرد والمطر، تجعل النص قريبًا من القارئ، بينما الإيقاع الداخلي يعوض غياب الوزن التقليدي.


رغم قوة النص، بعض المقاطع كررت المشاعر نفسها دون تقديم إضافة معنوية جديدة، مما قد يضعف التأثير العام. كذلك، التباين بين الصور القوية والهادئة أحيانًا يقلل من الانسجام.


"أحاسيس شتوية" نص يحمل مشاعر إنسانية عميقة، ويُبرز صدق العاطفة والتصالح مع الألم رغم الخيانة. هو نص شعري عاطفي يحتاج فقط إلى ضبط الإيقاع الداخلي وتقليل التكرار ليزداد قوة وتأثيرًا.

**حاسيس شتوية**


انتصف ليلُنا وما زالت عيناها ساهرتين

في الخارج برد قارس

وريح شديدة تهزّ أركاني المتناثرة

زجاج نافذتي، لامسَته زخات مطرٍ ناعمة

كأنها تداعب وجنتيْ حبيبتي الحزينتين


سألتها وقد أضحى قلبي جمرة مشتعلة

ما خطب المليحة في الأفق شاردة؟

سؤال تغلغل في شغاف روحها الحائرة

رمقتني بنظرة اكتنزتها أسرار دفينة

قالت ودموع عينيها تسيل كأنهارٍ جارية

أما رأيت عقارب الزمن أضحت ساكنة؟


نهضَت كمن ملسوعةٍ وقد أثقلتني أفكار ذاهلة

فأجبتها وقد تلعثمتُ بكلماتٍ مرتبكةٍ

حزن وشوق يا حبيبة روحي

يستبيح أم أنتِ في الخطب واقعة


مآقيها تاهت في ذهول وحيرة

ولسان حالها يقول ما بقلبي وبين

ضلوعي أنا عالمة


إلهي رغبة طفلة تلهو عابثة!!

أم هي سحابة صيف لا مطر فيها عابرة

نظرتُ لها في رقةٍ ودمع عيناي لقولي سابقة

لا تبكِ يا زهرتي فأنتِ في الوريد ساكنة

إنما خلقنا بأقدار لا محالة واقعة

إننا نحاول حبًّا شفيفًا صادقًا

أو نموت دون مشاعر كاذبة


واستغرقتْ في غفوتها حالمة

وظللت أرقبها بحذر وهي تهذي

بسارق قلبها مناجية

أيقنتُ أن حبّا مسّ أحاسيسها الطاهرة

سامحها قلبي وفيه غصة خانقة

إلهي، قد اضطرب عقلي

وارتعشت كل أطرافي لهول الكارثة


عند الصباح ومع شمس البزوغ الطامحة

لملمتُ ما بقيَ من بعضي وبعض

أجزائي المنكسرة المتناثرة

وفي حقيبتي القديمة حملتُ

بقايا أحزاني المؤلمة

وسرتُ في طريقٍ مقفرةٍ موحشةٍ

في رحلة مدّ وجزرٍ وآلام دفينة.


 عائشة_ساكري_من_تونس🇹🇳

22 مارس 2022

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال