تحليل نقدي لقصيدة حلم الخلود عادل بوسجرة

 الشكر للاستاذة غزلان البوادي حمدي وطاقم إدارة مجلة غزلان للشعر والإبداع ..

قراءة نقدية لقصيدة حلم الخلود للشاعر الجزائري عادل بوسجرة 


يحمل العنوان "حلم الخلود" أبعادًا فلسفية وجمالية، حيث يوحي بالسعي وراء الجمال الأبدي، وربما الحنين إلى لحظة لا تزول. العنوان يوحي أيضًا بأن القصيدة تستدعي صورة أنثى خالدة الجمال، وهو ما يتجلى في تفاصيل النص.


القصيدة مكتوبة على بحر الكامل، وهو بحر موسيقي يبعث على الانسيابية والرقة، مما يتناسب مع موضوع الغزل ووصف الجمال. كما أن استخدام القافية الموحدة (الألف والحاء) يمنح النص إيقاعًا متناغمًا، يعزز من موسيقية الأبيات ويزيد من وقعها العاطفي.


تميزت القصيدة بصور شعرية غنية تجمع بين الحسية والتجريد، حيث نجد صورًا مستوحاة من الطبيعة والخيال، مثل:


"مدّت خطاها في حياء غزالةٍ"

تشبيه الأنثى بالغزالة يعكس الرشاقة والحياء والجمال المرهف.


"الـيـاسَـمـيـنُ بـخَـدِّهـا مُتَوَرِّدٌ"

هنا نجد استعارة مكنية حيث صور الشاعر خدها كوردة الياسمين المتفتحة.


"والنور فوق جبينها متلألئٌ"

استخدام الضوء والنور لإبراز سمو الجمال وإشراقه الروحي.


هذه الصور تجمع بين المشهدية والحركة، حيث يجعل الشاعر من الجمال عنصرًا حيًا يتحرك ويتفاعل مع المحيط.


المعجم اللغوي في القصيدة يغلب عليه الطابع الرومانسي الحسي، حيث استخدم الشاعر ألفاظًا تتعلق بالجمال والأنوثة مثل: (الدلال، الغواني، خمرية، ثغر، نور، وضاح). كما أن هناك نزعة تأملية في وصف الجمال وكأنه حلم خالد لا يتغير.


القصيدة تدور حول تمجيد الجمال الأنثوي، لكنها لا تقتصر على الوصف الخارجي فقط، بل تتعداه إلى الجمال الداخلي الذي يشع في حضور البطلة. فالشاعر لا يكتفي برؤية الملامح، بل يتحدث عن الأثر العاطفي الذي يتركه هذا الجمال في الآخرين، كما في قوله:


"من همسِ صمتٍ أوقدت نبض الجوى"


هذا البيت يعكس كيف أن جمالها ليس مجرد صورة، بل هو حضور يشعل المشاعر.


نجد أن الشاعر استخدم بعض التكرارات التي تعزز البناء الموسيقي والمعنوي للنص، مثل:


"بين الخمائل حسنها قد لاح"


يتكرر هذا الشطر في بداية ونهاية القصيدة، مما يمنحها بنية دائرية تؤكد على فكرة الجمال الخالد الذي يبقى رغم الزمن.


القصيدة مشبعة بالإحساس العاطفي، حيث يبرز الإعجاب والانبهار بالجمال حتى يصل إلى حد الذوبان فيه، كما في البيت:


"شوقٌ يذيبُ من أحبها مهرةً"


وهذا يعكس انفعالات العاشق أمام جمال الأنثى، حيث لا يستطيع الفكاك من سحرها.


قصيدة "حلم الخلود" تجمع بين رقة المعاني وسلاسة الإيقاع، وتعتمد على الصور الحسية المشبعة بالجمال والطبيعة، ما يجعلها نموذجًا للغزل الرومانسي المترف. امتزج فيها الوصف بالإحساس، وكان الجمال هو المحور الذي تدور حوله الأفكار والصور.


القصيدة 

حــلـم الـخـلـود

بــيــن الـخـمـائـل حُـسـنـهـا قــــد لاحَ

تــخـطـو وعِــطـر حـولـهـا قـــد فـــاحَ


مَـــدَّت خُـطـاهـا فـــي حَــيـاءِ غَـزالـةٍ

بـــيــنَ الــخَـمـائِـلِ تَـــــزرَعُ الأفــــراحَ


الــيــاسَــمـيـنُ بـــخَــدِّهــا مُــــتَـــوَرِّدٌ

وعـيـونـهـا مـنـهـا الــهَـوى قـــد بـــاحَ


هَـيـفـاءُ قـــد حـــاطَ الـــدَلالُ رِكـابـهـا

والــقـلـبُ فــــي إثــــرِ الـمَـلـيحَةِ راحَ


شــــوقُ يُــذيـبُ مَـــن أحَـبَّـهـا مُــهـرَةً

مـــــن نــظــرة ســلـبـت لــهــم أرواحَ


تــخــتــالُ حــيــنًــا دونَ أي تَــكَــلُّــفٍ

طَــبــعُ الــغَـوانـي يُــرافِــقُ الإصــبـاحَ


يــــا مَــــن يَــــراهُ ثِــغـرُهـا مُـتَـبَـسّٓمـا

والــــــدُرٌُ يَـــبـــدو خَــلــفَـهُ وَضَّـــــاحَ


يَـــرنـــو إلــيــهــا الــعـابِـريـنَ تَـــأمُــلا

ويَــمُــدُّ إعــجــابَ الــنـفـوسِ جَــنـاحَ


والـــنــورُ فـــــوقَ جَـبـيـنِـهـا مُــتَــلألِأً

بــيــنَ الــجَــوارِحِ قـــد أثـــارَ جِـــراحَ


من هَمسِ صَمتٍ أوقدَت نبض الجوى

سـكَـبَـت عــلـى كـــل الـمُـنـى أقــداحَ


خُــمــرِيَـةٌ والـــقَــدُّ زادَهـــــا رَوعَـــــة

بــيــن الـخـمـائـل حـسـنـهـا قــــد لاحَ


عادل بوسجرة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال