هذا المساء.الشاعرة د.سوسن ابراهيم

هذا المساء...

أتمسك ببقايا عطرك العالق على وسادتي كأنه آخر ما تبقى لي من حياة،

أستنشق منه عبق الذكريات، وأحاول أن أهرب من برودة الغياب الذي ينهش روحي.

أقاوم ألف غصة تخنقني وألف هزيمة تعصف بقلبي،

حتى تأتي ساعات الشوق كعاصفة، تجرف ما تبقى مني،

وتتركني شظايا تائهة في مهب الريح.


أحاول هذه الليلة، كما كل ليلة،

أن ألوذ بصمتي العميق، حيث لا صوت إلا أنين الروح.

أستجمع شتات نفسي، أبحث في زوايا الوحدة عن شيء منك،

عن ذكرى تدفئ خاطري المكسور، عن صورة تعيد الحياة لروحي الهائمة.

أجدف بقلبي المثقل بالحنين وشوقي الجامح بين أمواج الذكريات،

لعلي أرسو على شاطئ الصدفة الذي يجمعنا يومًا.

أتحايل على صبر بدأ يخونني، وأغوص في متاهات الغياب،

أفتش بين كومة الترحال عنك،

رغم أن آثارك لا تزال واضحة، تطفو على صفحة قدري كوشم لا يمحى.


وأنا يا عزيزي، مبتورة الحب...

أقاتل ببقاياي، أحاول أن أقطع جذور البعد التي تعمقت في روحي،

وأن أقصقص أجنحة تلك الدروب العاقرة التي لم تحمل حتى طيفك.

أحمل أوجاع الانتظار على كاهلي، وأروي بذور الأمل التي زرعتها بداخلي،

لكنها لا تنبت سوى حنين يزداد قسوة يومًا بعد يوم.


هذا المساء...

أحبك كما لم أحب أحدًا من قبل، وسأحبك كل مساء،

سأبقيك حاضرًا في أفكاري، كحلم يرافقني بين اليقظة والنوم،

كحكاية عشق أعيشها في كل لحظة شوق وتمنٍ.

سنعيد ترتيب قصيدة العمر كما اتفقنا،

شطرًا منك وشطرًا مني، ونختمها بقبلة تُعيد للحياة بريقها،

لنكتب معًا أبياتًا جديدة تحمل في طياتها حكاية حب لا يشيخ ولا ينتهي.


هذا المساء...

أتيت إليك ماشية على أطراف روحي،

أجرُّ خلفي أذيال الخيبة والأمل،

فتعال نمزق أجندة العمر الضائع،

نتحدى الوقت والمسافات، ونلتقي كما وعدنا أنفسنا.

لن نكون إلا روحين عاشقتين تعيدان بناء ما هدمته الأيام،

نرسم عمرًا جديدًا، عمرًا لا يعرف إلا الحب.


هذا المساء...

سنعيش لحظة لا يعترف فيها الزمان بسلطته،

لحظة تُعيد للحياة نبضها وللحب هيبته،

لحظة نكون فيها أنا وأنت فقط، حيث لا غياب ولا فراق.


✍️ د. سوسن إبراهيم / سوريا


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال