تحليل نقدي بقلم الأستاذ الصحفي محمد الوداني والشاعرة غزلان حمدي


 تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الشاعر محمد الوداني والشاعرة غزلان حمدي من تونس 


قصيدة "وهل تزهر الأرض يوماً؟" للشاعرة القديرة عائشة ساكري تفيض بمشاعر الألم والصمود، وهي صرخة شعرية تنبض بالحزن والاعتزاز، تعكس بصدق مأساة غزة الجريحة. تنسج الشاعرة من كلماتها لوحات تعبيرية مؤثرة، تسكب فيها وجع الأرض ودموع الأطفال، وتحيي ببلاغة عالية صبر المدينة الثائرة، التي رغم الألم تظل رمزاً للشموخ والكرامة.


يتجلى في النص بعدان رئيسيان: الحزن العميق على غزة وما أصابها من ويلات، والتساؤل حول مستقبلها، هل يمكن أن تزهر الأرض من جديد بعد الخراب؟ هذا التساؤل الفلسفي يضفي على القصيدة بعدًا إنسانيًا يتجاوز المكان والزمان، ليجعل منها شهادة شعرية تعبر عن وجدان الأمة العربية جمعاء.


تتمتع القصيدة بإيقاع داخلي قوي، حيث تكرار كلمة "سلام" في مطلع الأبيات يمنح النص طابعًا موسيقيًا مميزًا، يعكس التحية والرجاء في آنٍ واحد. كما أن الصور الشعرية جاءت مؤثرة وعميقة، فالتربة التي "لوّثت وديس فيها فسادًا"، والأطفال الذين "جُوّعوا وشُرّدوا من ملاجئهم الأبية"، هي صور تنقل المعاناة بأقسى تجلياتها، لتزرع في القارئ إحساسًا صادقًا بمدى القهر والظلم الذي تعرضت له غزة.


القصيدة لا تكتفي بوصف الألم، بل تفتح المجال للأمل، إذ تُبقي الباب مواربًا أمام التساؤل، "وهل تزهر الأرض يوماً؟"، ليبقى الجواب مرهونًا بإرادة الحياة، وبقدرة غزة على النهوض من تحت الرماد كعادتها دائمًا.


هذا النص شهادة أدبية ثقافية عربية تعكس التزام الشاعرة عائشة ساكري بقضايا أمتها، وقدرتها الفريدة على توظيف اللغة بإحساس عالٍ ومهارة شعرية راقية. إنها قصيدة تنبض بالوجع، ولكنها تحمل بين سطورها روح الصمود والمقاومة، فتحية إجلال لهذا القلم المبدع الذي خطّ بحروفه جرح الأمة النازف، وأبقى جذوة الأمل مشتعلة.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال