*سَرَابٌ خَادِع...
سَرَابٌ يَمْتَطِي شَفَقًا
وَوَحْشَةٌ تُوغِلُ غَرَقًا
فِي بَيْتِ أَحْزَانِي...
وَنَايُ الحُزْنِ أَغْرَقَنِي
ثُمَّ بَاتَ يَرْمِينِي
فِي بَحْرِ وِجْدَانِي...
وَشَمْسِي تَقْتَفِي نَفَقًا
غُرُوبًا وَإِشْرَاقًا...
تُشْرِقُ، تَزْرَعُ الفَجْرَ...
وَتَعْزِفُ عَذْبَ أَلْحَانِي
سَرَابٌ يَمْتَطِي شَفَقًا
يُسَافِرُ بِمُهْجَتِي لَيْلًا...
يُسَابِقُ فِي الفَضَا غَيْمًا
غَمَامًا يَرْسُمُ خَيْلًا...!
تَطِيرُ، تَقْتَفِي أُفُقًا
مُجَنَّحَةً كَبُرَاقٍ...
يَطِيرُ الشَّوْقُ مِنْ عَيْنِي
بِنَجْمِ الحُزْنِ خَفَّاقٍ
بِأَجْنِحَةٍ مِنْ غَدَقٍ
وَمِنْ مُزْنٍ...!
بِعَذْبِ المَاءِ رَقْرَاقٍ
سَرَابٌ يَمْتَطِي شَفَقًا
غُبَارُ الدَّهْرِ أَعْمَانِي
بِأَتْرِبَةٍ عَلَى مَدَى الشَّفَقِ...
دُرُوبُ الوَادِي أَحْجَارٌ...
تَعَثَّرَ مَنْ سَرَى فِيهَا
وَرَايَةُ النَّصْرِ شَمَّاءُ
تُرَفْرِفُ نَحْوَ بَارِقَةٍ
تَنَاءَتْ خَلْفَ أَحْدَاقٍ
عَلَى أَكْتَافِ مَاضِيهَا
وَتَحْزِمُ بَعْضَ آمَالٍ
كَنَوْرَسٍ يُسَابِقُ الرِّيحَ
يُوَدِّعُ مَرَافِئَ الحُزْنِ
وَيَرْسُمُ جَوْقَةَ الفُرْقَى
نَعِيقًا وَأَشْوَاقًا...
يُرَافِقُ سُفُنِي إِبْحَارًا
يَحُومُ حَوْلَ صَارِيِهَا
وَتَعْرِفُ مِنْ مَآقِيهَا
لَمَعَ شُهُبٍ وَإِبْرَاقٍ...
عَجَنَتِ الصَّبْرَ أُغْنِيَةً
وَنَظْرَةً مِنِّي حَالِمَةً
إِلَى مَدَى الأُفُقِ
تُسَافِرُ مِنِّي أُمْنِيَةٌ
وَأُغْنِيَةٌ أُرَدِّدُهَا
أُنْشُودَةً لِعُشَّاقٍ
بَكَيْتُ...!!!
فَطَاحَ الدَّمْعُ مُنْكَسِرًا
يُرَمِّمُ مِنْ مَآسِيهَا
وَعَادَ الدَّمْعُ مَحْمُومًا
عَلَى أَلْحَانِهِ رَقَصَتْ
وَعَلَى أَمْوَاجِهِ لَمَعَتْ
رُمُوشًا فِي تُنَاجِيهَا
وَيَحْفِرُ فَوْقَ وَجْنَتِنَا
أَخَادِيدًا...
وَأُحْفُورَةَ مَجْدٍ
أَشْرَقَتْ...
بِلَيْلِ الحُلْمِ إِشْرَاقًا...
عَلَى شُطْآنِهَا هَمَسَتْ
تَوَارِيخ تَجَاعِيدًا...
أَيَا أُنْثَى تَعَرَّتْ
وَسْطَ مَأْدُبَةِ حُمْقَى
تَعَافَتْ بَعْدَ مَسْغَبَةٍ
سَفَاهَاتٌ تُنْمِيهَا...!
وَيَرْقُصُ حَوْلَهَا طَرَبًا
رُعَاعٌ صَاغَهُم عَهْدٌ
تَعَالَوا فِي الوَرَى
تِيها..
رَأَوْا فِي سُوقِ مِحْنَتِنَا
رَبِيعًا زَادَ غلَّتَهُمْ
فَصَدُّوا مَنْ يُدَانِيهَا
سَرَابًا يَمْتَطِي غَسَقًا
ضَبَابُ البَحْرِ غَرَّبَنِي
وَهَذَا الغَيْمُ فِي الغَسَقِ
تَاهَتْ فِيهِ أَحْلَامٌ...
تَلَاطَمَ المَوْجُ أَشْرِعَتِي
وَرَجَّ العَصْفُ مَرْكَبَتِي
وَعَكْسَ الرِّيحِ تَجْدِيفِي
مَرَاكِبِي هَزَّهَا العَصْفُ
مُهَدَّدٌ كُلُّ مَنْ فِيهَا
سَرَابًا يَمْتَطِي أُفُقًا...
سمير بن التبريزي الحفصاوي/تونس