سلامٌ في مَهَبِّ الريحِ
لا أُريدُ الوصلَ إن جاءَ ادّعاءً
أوْ تُجافيهِ القلوبُ إذا بدا لي
لا أُحبّ الوجهَ إن عادى سلامي
أوْ تجاهلني... ولم يُبدِ انتحالي
قد كفاني أنني دوماً أُبادرْ
بالتحايا، بالسُّكونِ، وبالجلالِ
من تُراهُ يُخفِضُ الرأسَ تكرُّماً
ليس يَعرفْ أنني في ذاتِ حالي
ما سألتُ القومَ عوناً في طريقي
كنتُ ريحًا... واستفدتُ من انفعالي
إنْ بدا منهم سرابٌ لا يُرى لي
لا أُعيرُ السمعَ نحوَ الاحتيالِ
الصداقاتُ التي ليست وِداداً
كالشّظايا في سريرِ الاحتمالِ
حين يغدو القربُ من بعضِ الأنامِ
ذنبَ قلبٍ لا يُلامُ على انشغالي
حين أمضي، لا أُنادِي من تخلّى
لا أُقيّد خطوتي برضى الخيالِ
لي طريقٌ لا يُغشّيه التمنّي
هو صبري... وهو زادي واحتمالي
ما ابتغيتُ القربَ من قلبٍ توارى
ثمّ زاحمْني على ظلّ احتمالي
البداياتُ التي كانت سراباً
لا تُعيدُ القلبَ من ليلِ السؤالِ
كلّ فجرٍ لم يكن من صدقِ عهدٍ
لا يُضيءُ الدربَ في يومِ النزالِ
قد سلمتُ القلبَ للريحِ التي بي
لم أُراوغْ... لم أُساومْ باختلالي
إن يكن في البعدِ شيءٌ من كرامة
فالهوانُ هوى القريبِ بلا وصالِ
وخذْ حذركَ من عَرَفٍ يخلقُ موضعًا
يسيرُ فيهِ الوجودُ على حدِّ قَسَمِهِ
فليسَ في التلاقي وحدهُ الحِكمةُ
وإنما في ما بينَ القلبِ من وُجودِ اللهِ
بديع عاصم الزمان