من خلف الأسوار.بقلم الشاعرة الأديبة بن عزوز زهرة

 من خلف الأسوار

أيّتها الصّرخة القادمة

من خلف الزّمن البعيد

الغائر في قصي المسافات

دعيني أتدفّق ينبوعاً

أندلق كماء دردارٍ عذبٍ متراخٍ

كحركة البحر وهو يداعب قطع الجليد

في موسم الرّبيع والذّوبان

دعيني أرقب وجه السّماء بشغف المتطفّل

حين تصل الصّاعقة منذرة بالشّؤم

لتصلك مباغتة وهي تلسعك بلسانها

الملتوي المتعرّج الحارق السّخين

دعيني أيّتها اللّعنة القادمة من السّماء

أرقّع ثوب خجلي لأستر خوفي

وتوجّسي وجرحي وواقعي الأليم

أسكن طمأنينتي البائسة

أطارد الجنون أصارعه

ألقّح في لحظة استعراضيّة

لحظة تزاوج الرّوح والجسد عبر السّنين

دعيني

أخطو صوب قابل أيّامي، أتحرّك راقصة

على وقع أنغام موسيقا مرآة روحي

أنت وأنا

كلانا سيمفونيّة قديمة يألفها اليقين

ألحانها حنينة، تتكرّر مرّات ومرّات عبر آلاف الدّهور

أبصر عنفوانك وصهوة شجونك

تمتطينها، تحثّ تذكارك العقيم

دعيني أعبر هاوية الانتظار

أقف بين الضّفتين

أتبرّأ من العودة إلى الوراء

هناك ما هو خطير خلف ظهورنا

عنيف جحيم

أحاذر من الهاوية، أخاف السّقوط

أعانق الارتعاش حين أتعثّر

أمام التّردد ومدمعي الهتون

يخترقني سهم الشّوق

يجعل عظامي كالطّحين

والتّوهج الرّميم

تمطرني سحابة داكنة تحجب الضّياء

قطراتها ثقيلة فوق كاهلي

تمتصّ دمي السّاخن العنيد

ترهقني، وريح صقيعها يصفعني

ينذرني يتوعّد بالفوضى وسيفها الفتين

صوتها المدوّي بارد جدّا

لا أخافه حين تهتزّ نبرته

إلاّ حين يزحف فوق جسدي

يفقدني شعوري وتوازني

تطفح روحي امتلاء

حتّى أنسى نفسي واسمي

ومن أنا ومن أكون

والعالم بأسره في داخلي يحوم

أستفيق وأقف من جديد

أسابق الحياة

لا أخاف المنون.

الشاعرة والأديبة

بن عزوز زهرة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال