اسأالو الجدران بقلم الأستاذ الشاعر الأديب ابو ياسين

 إسألوا الجدران كم مرّت بنا الأيام

و نحن في أُنسٍ و محبْةٍ و وئام

كم ضحكنا كم بكينا 

كم تشاجرنا و عدنا للكلام 

و تواعدنا ألف وعد 

أن يدوم صادق الحبّ و الودّ

ألف عام

و بنينا بيتنا جدرانه من طوب متين

و رفعنا سقفه بأخشاب و طين

دافئا مثل أعشاش الحمام 

و رُزقنا ببنات و بنين

مثل أقمار تضيء كوخنا

تملأ الأرجاء أنسًا و حنين

نضحك ملء شِدقينا

و دموع الفرحة توشّي مقلتينا

كملوكٍ نحن عشنا سعداء 

بالرضا و القناعةِ كنّا أغنياء

كوخنا المقرورة جدرانه صار قصرًا

واسعا فخما جميلا

 كلما نأوي إليه نزداد فخرًا

و نعيش في حبور و سرور 

و كبرنا ... و تزوّج الأبناء إناثا و ذكور

صار لي أحفاد في عمر الزهور

 يلعبون و يمرحون

 يصرخون و يضحكون 

 يقلبون البيت في فوضى 

كسّروا أقفال كل باب 

هشّموا بلّور النوافذ 

و إذا دخلوا للمطبخ فجأةً

دشدشوا كل الأواني و الصّحون

و إذا ما عاتبوهم إلى أحضاني يهربون

فأقول ضاحكًا : أتركوهم يفعلوا ما يشتهون

و في المساء يغادرون

و يعود إلى البيت صمتا رهيبا

 و أنا أنظر إلى رفيقة دربي

 تجوب البيت أزعجها هذا السكون 

فأناديها و أسألها  

هل مازال في القلب بقايا أشواق و حنينا 

و مكانًا آمنًا آوي إليه 

أستريح في أحضانه

من عذابات السنين

 فأجابت باسمة

أنت يا قرّة عيني ستبقى

أكبر الصبيان أرويه حناني

لآخر العمر أنت نبضي

أنت إبني و أخي و أبي

و شقيق الروح يا زوجي الوفي 

أنت طفلي أنت شيخي 

أنت ركني و عليك سندي

أنت أغلى ما لديّ


✍️محمد آبو ياسين /تونس 🇹🇳

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال