الحرب الباردة وتعرية القيم العربية
الجزء الثالث /
معركة الوعي واستعادة الهوية
بعد أن خسرنا معركة القيم كان لابد أن نسأل أنفسنا
هل انتهت الحرب؟
هل يمكننا أن نعيد ما سلب منا من حياءٍ وهوية وإيمان؟
أم أن السقوط أصبح قدرا لا مفر منه؟
الإجابة هذه المرة ليست نعم ولا لا…
بل هي رهنة بوعي الأمة.
فالوعي هو السلاح الوحيد الذي لم يستطيعوا نزعه منا بعد.
إنهم انتصروا حين أطفأنا نور البصيرة داخلنا .
لقد أدرك الغرب أن السيطرة لا تكون بالاحتلال العسكري فقط بل بالاحتلال العقلي. وهذا ما سعوا له وعملوا على تحقيقه بأي ثمن كان
ولم ندرك نحن أن العقل أو الوعي او الإدراك هو خط الدفاع الأول عن قيمنا فإذا غيب العقل عنا كيف سنحارب واذا حاربنا سنحارب بلا درع واقي لنا الا وهو العقل و الوعي او الإدراك
فالوعي ليس شعارات تقال في الخطب بل هو اختيار يومي بين ما يعرض علينا وما نسمح له بالدخول إلى عقولنا وأسرنا.
إنها حرب صامتة تدور في بيتك على شاشة هاتفك وفي ذهن طفلك. فإذا استمر الحال كما هو عليه كانت خسارتنا في تلك المعركة كبيرة للغاية ربما تصل إلى أننا لا نستطيع أن نقف على اقدامنا مرة أخرى ولكن إذا حاربنا أنفسنا اولا وعدنا إلى حيث كنا أمة تخاف على عرضها تقاتل من أجل شرفها أصبحت المعركة ليست خاسرة تمامًا ونجهز اسلحتنا التي لا تقهر في أي ميدان من ميادين الشرف والأخلاق والكرامة اسلاحة متمثلة في
امرأة لا تزال تُربي أبناءها على الحياء والعزة.
و رجل لا يزال يرى في المرأة شريكة حياة لا جسدًا معروضا.
وشاب أدرك أن الرجولة ليست صخبا، بل خلقا.
و فتاة أيقنت أن حجابها تاج لا عبء.
هذه النماذج الصغيرة هي نواة الانتصار القادم.
فالمقاومة تبدأ من بيت ومن فكرة ومن قلم.
حين نربي أبناءنا على حب الله قبل حب المظاهر وعلى الفهم قبل التقليد، نكون قد أعددنا أول جيل من جيوش الكرامة ونستطيع استعادة هويتنا
الهوية لا تستورد ولا تفرض بل تبنى.
تبنى في مناهج التعليم حين يعلم الطفل أن العفة شرف لا تخلف.
وفي الدراما حين تعرض الأم لا كضعيفة بل كقديسة تقاوم من أجل أسرتها.
وفي الإعلام حين نكف عن ترويج التفاهة ونعود إلى نشر النماذج المشرّفة من علمائنا ومفكرينا.
حينها فقط نكون قد بدأنا استعادة ما سلب منا من روح وهوية.
ولنعلم علم اليقين أن الحرب الباردة لم تنته بعد لكن تغيرت أدواتها. مع تغير الزمن
اليوم، من يمتلك الوعي والقيم يمتلك الغد.
ومن يفقدهما، وإن امتلك المال والسلاح، سيظل مهزوما من الداخل.
فلنبدأ من أنفسنا و من بيوتنا و من أقلامنا و من كلماتنا.
لنعلن أن الحياء ليس عائقا، بل هو درعنا الأخير.
ولندرك أن الكرامة لا تستعاد بقرارات بل بتربية جيلٍ يعرف من هو وإلى أين ينتمي.
فالحرب ما زالت دائرة…
لكن هذه المرة نحن من يملك أن يحولها إلى نهضة جديدة.
بقلم
عاشق القلم
أنور شوشة