فرحة دموع
لن تجد أحد يسألك عن سبب غيابك و نزوحك ولا عن دموع الفرح و بكائك ؟ ستظل تبحث بين الركام والخراب صامت وحيدا عن خلانك و الأحزان تتجمع تحت قفص ضلوعك ، نفوس متساوية في الظلم والمعاناة تتشابه في اهتمامًك متقاربة تؤمة .
تمس نظرتك شغاف قلوبهم موجوعة مثلك ، لا تستطيع تحديد مشاعرك لأنك مثلهما تائه تبحث عن فقيدك. عن موضع بيتك واين جيرانك، تتقاسم دموع الفرحة وحدك فوق تراب الركام ، قلوب تمشي على الارض بالاقدام لكن لا تدوس على ما تبقى من رفات الأحباب .
فأنت عربي غزاوي امام جيرانك قد صارت أرضك ولونك في أذهانهم مرادفًا للاخزان والمعاناة ،فلا بأس إذا رأوك تتألم، تحترق من داخل، حتى اطفالك تفقد براءتها، وتتلاشى كظل في ضوء ساطع و قاسٍ.
دموعك عندهم مجرد ماء وملح، أما عندنا فهي انهيار العالم وانكسار الموازين، صرخة الطفولة التي اختنقت قبل أن تتعلم الكلام قبل أن تحبو و تمشي، لم يسمعه بها أحد، وصرخة لم يجد لها صدى.، حين تكسو الطفولة هموم أكبر منها أكتاف اطفال تحمل أثقال الأيتام ونساء تحمل مرارا الفقد و أحمال الرجال ، صبايا تعيش الأمومة الحياة باكرا.
حين تتحول البيوت ركام في حجارتها رائحة دماء الأحباب يا اله، حين تعجز الإنسانية عن مسح دموعك و منحك لمسة مواساة على شعرك المتسخ و تظم حضن صدرك البارد ، أو تأخذ بيدك الى دفء المشاعر ، حين تموت البسمة على شفاهك المتشققة عطشا وجوعا.
وحين يخنق صدرك ويجرح قلبك وتدمر اسرتك يكسر خاطرك ،وتُسرق منك كل لحظة من لحظات اهلك واهلك يسرقون حتى طفولة ابنائك كانت ملكك وحدك. أحرقوا حلمك داخلك قبل أن يبدأ ، سرقوا عملك الذي كان يمدك بالرواء والطمأنينة والأمان والاستقرار .
اغتالوا براءة افراحك بين تراب قبور الشهداء التي كانت ترعاك وتحتويك ، لا غرابة في ذلك، فهذا أبناء الخنزير أبناء المغتصب للأرض والإنسان، تلك غريزتهم، قتل البراءة، دهس الآمال، استعباد العبيد اسماء العرب ورائحة الدم، يروضون لون الاسمر ، وخنق أصوات اللغة العربية في أي مكان ، اللغة القران الكريم .
يا ترى، كيف يمكن للحياة أن تتسع لك بعد الحرب ، كثير من الركام مختلطة مع الاحلام وما حملت من عناوين ومن يستطيع كتابة قصص دموعك وبريد شجون الحنان صدرك ،كيف يمكننا نحن العيش دون أن نمد لك يد العون والمساعدة ،وكيف سيحاسبهم الله على كل هذا التقصير ، وبين وبينكم حدود أوطان وشواطئ بحور .
لقد عادوا بالفخر والاعتزاز بالنفس واستقبلتهم بيوت مهدمة وانقاض مشبعة برائحة المسك والعنبر والكبرياء ، عادوا برؤوس مرفوعة شامخات ، ضربوا للعالم أجمع كيف يكون حب الأرض والأوطان بكل اللغات العالم كانت تضحيات ميتهم شهيد عائدهم سعيد ، والأحجار تبنى من جديد تبقى غزة العزة صاحبة كل الشرف والمقامات .
بقلم طواهري امحمد.