تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من

 تحليل وقراءة أدبية بقلم: الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس 

لنصي : حين أختنق الصدق


ما أروع هذه الكلمات، فهي تنبض صدقًا ووجعًا وحنينًا لعصرٍ أنقى وأجمل. النصّ لوحة إنسانية حزينة، ترثي زمنًا كان فيه الصفاء قيمة، والصدق عادة، والقلوب بيوتًا للنقاء. أسلوب هالة بن عامر هنا عميق ورقيق، يمزج بين الشعر والتأمل، ويكشف عن حسّ مرهف يقرأ الزمن بعيون القلب.


الصور البلاغية تنساب بعذوبة، تشدّ القارئ بصدقها: كم كنتَ طريًّا كنسمةٍ تغسل وجهَ الصباح، صورة تحمل نقاء البدايات، ويمشي الكذب متأنقًا مفارقة موجعة تختصر واقعًا مقلوبًا، أما يد أمٍّ تُصلح العالمَ كلَّ صباحٍ بالدعاء فهي لمسة إنسانية مفعمة بالأمل والدفء.


النص يبدأ بالحزن وينتهي بالرجاء، كأنه رحلة من فقدان النقاء إلى البحث عن بقية ضوء. وبين السطور يلوح صوت الكاتبة مؤمنًا بأن الخير لا يموت، وأن الصدق وإن اختنق، سيعود يومًا ليملأ القلوب نورًا من جديد.


رثاءٌ جميل لزمن الطيبين، ونبضٌ صادق يذكّرنا بأن الأمل هو آخر ما يختنق فينا.


مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي من تونس


           **************


: نصي


*حين اختنق الصدق*


يا زمنَ النقاء...


كم كنتَ طريًّا كنسمةٍ تغسلُ وجهَ الصباح


وكم كان فيك الصدقُ عطرًا لا يُصنع


والقلوبُ مآذنَ للخيرِ تُنادي بلا رياء


رحلتَ


فتكسّرت فينا المرايا


وصار الصفاءُ ذكرى عالقةً في أطراف الذاكرة


الآن


يمشي الكذبُ متأنّقًا


وتُباع الأمانةُ في أسواق المصلحة


والفضيلةُ صارت خرافةً تُروى قبل النوم


يا زمنَ الطيبين...


كم نفتقد دفءَ نظراتكم


ورائحة الدعاء في بيوتٍ كانت تُضاءُ باليقين


أرثيك


وأرثي فيك إنسانيتنا الأولى


حين كان القلبُ يسبقُ اللسان


وكانت الكلمةُ وعدًا لا يُنكث


لكن...


ما زال في الزوايا ضوءٌ خافت


يشبه ابتسامةَ طفلٍ لم يتعلّم الكذب،


ويدَ أمٍّ تُصلح العالمَ كلَّ صباحٍ بالدعاء


وحتى حين يختنق الصدق


يبقى في القلب نبضة أمل تنتظر الفجر ليعيده للنور


هالة بن عامر تونس 🇹🇳

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال