بقلم الأستاذ الشاعر غسان الضمان

 خمرة الشيب :

ألا ليت شعري كم بدا الشيب غازيا

فعمري قضى واللحد قد صار دانيا

غزا الشيب رأسي لاح كالغيم أبيضا

وكالطيف يبدو في دجى الليل ساريا

بدا بالمفارق ناصعا في بياضه

كما شعب بالأرض تجتاح رأسيا

فليس بهذا الشيب عار يعيبني

ولكنني أصبحت رثا وباليا

لقد ولت الأيام والحال هدني

وقمت على العكاز أخطو لحاليا

أرى العمر يمضي والشعوب دنية

إلى اللحد نخطو واحدا إثر ثانيا

فذا الشيب يعطي للمشيب وقاره

ولكن عجز الحال قد صار طاغيا

وما زلت مع شيبي أكابد لوعتي

فأين ألاقي من يزيل مصابيا

بلا عتب تبديه أرجوك صاحبي

برغم مشيبي للهيام تواليا

ومن كان ينوي للمشيب أذية

فرحماه قلبا هائما متصابيا

تريث نديمي ليس في منهج الهوى

دساتير تبقي الحب بالجوف جاثيا

وإن شئت من قلبي تقيم وليمة

لتكسر لأضلاعي وتصدح عزائيا

يقولون أني لم أعد ابتغي الهوى

وغيث الهوى بالقلب أضحى بواقيا

ولكن سأبقى في الغرام مخضرما

وأبقى صغير القلب بالعشق لاهيا

سميري تراني بالمحبة مولعا

فليتك تغنيني بحال مواتيا

فنحن رعيل يصدح الحب والهوى

وحسن الغواني كم يعز العواتيا

إذا قمت عن قصد تثير مواجعي

وتقتص من شيبي يطير صوابيا

سأبقى محبا للغرام وأهله

وبالقلب نيران تذيب الحواشيا

فليس أنا من يكنز الحب مفردا

وهذا لدى كل الخلائق ناميا

فلا تبخس الخفاق يوما إذا ابتلى

بعشق حبيب ظل بالروح ثاويا

وسيف الهوى إن كان للقلب واخزا

رجاء فكن لي كالطبيب المداويا

كفانا هراء إنما الحب حاجة

تعشش مابين الضلوع الخوافيا

وأخشى كلام الناس غدرا وغيبة

فهل أشتري من أصدقائي عدائيا ؟

ومن مثل سني يبتغي عشق غادة

أيعقل أن يبدو فتى متصابيا ؟

فلو كانت الحسناء تهفو لكاهل

ومن رمشها ترمي عليه الغوازيا

لكانت عروش السائبات ممالكا

جحافل شتى شاهدتها خواليا

فإني أواسي النفس ذا الدهر خانني

وأني فما زلت الشغوف المعانيا

وأبقى كقيس أصدح الغيد والقطا

ومثل جميل أصدح اللحد قافيا

...................................

بقلمي : غسان الضمان - سوريا

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال