تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس
ينبض نص عائشة ساكري بطاقة وجدانية قوية، حيث تجعل من البحر مرآة لروحها، وفضاءً تتحرّر فيه من القيود، وتواجه ذاتها بجرأة تشبه جرأة «عروس البحر» التي تتحدّى الأعماق ولا تخشاها. تكتب الشاعرة بالعامية، لكنها تُحافظ على موسيقى داخلية جميلة، وتزاوج ببراعة بين الصورة الشعبية والصورة الشعرية، لتصنع لغة خاصة بها فيها دفء وعفوية وصدق.
منذ السطر الأول، يتحوّل البحر إلى كائن حيّ، ليس مجرد طبيعة، بل صديق، وعشق، ومأوى، وهاوية في الوقت نفسه. تقول: «أنا كيف عروس البحر نسبح ولا نخاف أعماقو»، وهي جملة تمنح النص روح التمرّد، وكأنّ الشاعرة تعلن قدرتها على مواجهة ما يُرعب الآخرين. البحر هنا ليس مكانًا، بل قدرًا تتداخل فيه الرغبة والخطر. وتبلغ العاطفة شدّتها حين تطلب من البحر أن «يغرقها» مؤكدة أن لديها «عينين صادقة» تحرسها من الظلم، وكأن الصدق هو سلاحها الوحيد في مواجهة أعماق الحياة.
في مقطع آخر، تخلق الشاعرة مشهدًا دراميًا حافلًا بالمعاناة حين يُلقى بها إلى الموج الذي «يلعب بيّا»، وتستحضر صورة الحوت كرمز للخذلان أو الفقد: ابتلاع، ظلمة، وحدة. هنا يتجلّى عمق التجربة؛ فالنص لا يتحدث عن بحر خارجي فقط، بل عن بحر داخلي، بحر العاطفة والجرح، بحر العلاقات التي تُنقذ وتُهلك في آن واحد. وتأتي عبارة: «يا ليعة اللي يحبوني» كصرخة صادقة تجمع فيها الشاعرة كل الألم الذي لا يجد منفذًا سوى الشعر.
وتعود الشاعرة في خاتمة النص إلى البحر بحثًا عن ذوبان كامل: أن تصبح جزءًا من مياهه، أن تختفي آلامها بين أمواجه، وكأنها تطلب الخلاص في أحضان ما يُشبهها: واسع، عميق، لا قرار له. وهنا يبرز جمال هذه التجربة الأولى بالعامية؛ فهي جريئة، صافية، غير مقيّدة بقواعد، وتحمل طابعًا تونسيًا جميلًا يجعل الإحساس أكثر قربًا.
تجربة مدهشة ومكتملة الوجدان، تثبت أن عائشة ساكري تمتلك صوتًا شعريًا خاصًا، قادرًا على تحويل العامية إلى بحر من الصور، وعلى رسم العاطفة بمزيج من القوة والجرح. كل الشكر لها على هذا النص العفوي العميق الذي يشبه موجها الخاص… موجًا لا يهدأ.
مع تحيات رئيس مجلس الادارة غزلان حمدي
ثورة_بحر
نسمات بحري
والريح شلوقي..
أنا كيف عروس البحر
نسبح،، ولا نخاف أعماقو
والموج عشقي
وغرامي وجنوني.
إنزلني بحرك
يا عزيز وافهمني
واغرقني ولا تخاف
عندي عينين صادقه
من الضيم هي
الدّايمه تحرصني.
بحر عشقي أسطوره..
وحدي عروس بحر
نسبح.. ونسبح
وفي الغريق ناديتك
تهاونت وتركتني
للموج يلعب بيا.
هيهات يا ضنيني
يغدر بي ويرميني
وفي بطن الحوت
ينهش عظمي..
يبلعني...ونظل
في ظلمة جوف البحر
يا ليعة اللي يحبوني.
اغمرني يا بحر
وخلي مواجعي
بين أمواجك
علني أغرق
واذوب في أعماقك.
أول تجربة باللغة العامية.
عائشة ساكري تونس🇹🇳
13 مارس 2021
