قراءة نقدية راقية للأستاذ الشاعر والصحفي محمد الوداني


 قراءة نقدية راقية للأستاذ الشاعر 

والصحفي محمد الوداني 


تترصّدني على حافة القصيدة

تصادر دفاتري

تقصً أناملي

تسكب الحبر على جدائلي

سأكتب ببخار الماء

بنزيف الدّماء

على أرجوحة طفلة

على جبين إمرأة ثكلى


ذات قدر أليم ،

ناولتني فاكهة الكلام

دسستَ فيها نوايا الظّلام 

ثم تلوت زورا فاتحة الأيّام

نمتُ في كهف السنين 

على صدر اللّهب

وكانت تحرسني حمامة

 حطّت على لوح الحطب

كلما شدت بلحنها الحزين ،

يتدفّق نهر الدّماء في الوتين

وأبعث من تحت الرّماد

ورودا و رياحين


سأهجر صدر اللّهب

و كهف السّنين

وأرضك الثّابتة

سأقيم بين أشعاري

في حصون مملكتي البعيدة

هناك

تحرسني حمامة حطّت

على حافة القصيدة

سلوى السّوسي تونس


القصيدة التي قدمتها تعبر عن تجربة شخصية عميقة تتسم بالمشاعر الحادة والألم الشديد. هنا تحليل نقدي للقصيدة:


الموضوع والمضمون:

القصيدة تتناول معاناة الشاعرة وتفاعلها مع الألم الداخلي والخارجي، كما تعكس صراعها مع القوى الظلامية التي تحاول السيطرة على إبداعها. تتجلى في القصيدة قوة الشاعرة ورغبتها في التحرر والانعتاق من قيود الألم والمعاناة.


البنية والأسلوب:

البنية العامة للقصيدة تعتمد على تدفق السرد بأسلوب شعري حر، مما يعزز الشعور بالانسيابية والتلقائية في التعبير. استخدام الشاعرة للتكرار في بعض الأبيات يساهم في تكثيف المشاعر وإبراز الصراع الداخلي.


الصور الشعرية:

استخدمت الشاعرة صورًا شعرية قوية ومؤثرة، مثل:

- "تصادر دفاتري... تقصّ أناملي... تسكب الحبر على جدائلي" تعبير عن القمع ومحاولة تقييد الإبداع.

- "سأكتب ببخار الماء... بنزيف الدماء" تجسيد لمعاناة الشاعرة وتحديها للألم بطرق مبتكرة.

- "حمامة حطّت على لوح الحطب" و"يتدفّق نهر الدماء في الوتين" صور تجسد الأمل والتجدد رغم الألم.


الأصوات والإيقاع:

تستخدم الشاعرة تنوعًا في الأصوات والإيقاعات لتعبر عن التوتر والحزن، مثل استخدام كلمات ذات إيقاع قوي ومتكرر. هذا التنوع في الإيقاع يساعد في نقل حالة التوتر الداخلي للشاعرة.


الرمزية والدلالات:

القصيدة مليئة بالرموز والدلالات، مثل "فاكهة الكلام" التي قد ترمز إلى الكلمات الجميلة التي تخفي نوايا خبيثة، و"الحمامة" التي ترمز إلى السلام والأمل.


الختام:

تنتهي القصيدة بنبرة من الأمل والتفاؤل، حيث تقرر الشاعرة الهجرة إلى مملكتها الشعرية البعيدة، مما يعكس رغبتها في التحرر والانطلاق نحو آفاق جديدة مليئة بالإبداع والسلام.

التقييم العام:

قصيدة "تترصدني على حافة القصيدة" لسلوى السوسي تعكس براعة في استخدام اللغة والصور الشعرية للتعبير عن تجربة إنسانية مؤلمة ومعقدة. تمكنت الشاعرة من نقل مشاعرها بصدق وقوة، مما يجعل القصيدة مؤثرة وجميلة في آن واحد

 مع أجمل تحياتي الشاعر والصحفي محمد الوداني

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال