تحليل نقدي.بقلم ذ محمد الوداني بمساعدة غزلان حمدي

 تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني بمساعدة وتدقيق لغوي وتقفيل خاتمة الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس 

القصيدة "رفقاً بشاعر مجنون" تحمل في طياتها مشاعر مضطربة ومعقدة، يجسد فيها الشاعر رائد كُلّاب حالة من التمزق الداخلي بين العشق العميق والتوبة من حبه الماضي. يتناول الشاعر العديد من المواضيع الحسية والوجدانية التي تعكس معاناته وصراعه الداخلي مع الحب، وكذلك سعيه للتطهر من خطايا العشق السابق.


يبدأ الشاعر القصيدة بمناشدة العطف والرحمة، حيث يُعرّف نفسه كشاعر مجنون مفتون بسحر العيون. هذه البداية توحي بحالة من الاستسلام العاطفي والتسليم الكامل للحب، إذ يصف المحبوبة بأنها "ساحرة الحروف" التي سيطرت على قلبه وتغلغلت في عروقه، مما يعكس مدى تأثيرها العميق في حياته. يتجسد الحب في شكل قوافي الأشعار التي أصبحت تغلف قلب الشاعر بربيع دائم، ما يشير إلى التحول الداخلي الذي أحدثته المحبوبة في روحه.


الرمزية في القصيدة قوية، حيث يستخدم الشاعر صورًا مثل "رعد" و"عواصف" و"غيم مغدق" لتوصيف حب المحبوبة، وكأنها قوة طبيعية خارقة تسيطر على حياته وتقلب مشاعره رأسًا على عقب. هذه العناصر تساهم في تكوين صورة الحب على أنه طوفان من المشاعر التي تجتاح الشاعر، تجعل من قلبه حقلًا لأزهار الربيع التي تفيض بالألوان والعطور.


ثم ينتقل الشاعر إلى مرحلة أخرى من التأمل، حيث يرى المحبوبة في صحوه ومنامه، وتجسد له أجمل الأحلام. هذه الرؤية المتكررة تعكس مدى استحواذها على عقله وروحه، فهي تظهر في كل شيء حوله، بين الكروم والأكواب، وحتى في سنبلة الشوق التي تزين أهدابه. هنا، يتمثل الحلم بجمالها في الحياة الواقعية، حيث يصبح وجودها سببًا لإنهاء سنوات الشاعر القاحلة والمليئة بالحرمان.


في المقطع التالي، يبدأ الشاعر بمراجعة نفسه من خلال سؤال "تراني متهورًا؟"، معترفًا بأنه يعشق المستحيل ويؤمن بالأوهام، مما يضيف بعدًا نفسيًا للقصيدة. الشاعر يبدو واعيًا بجنونه، لكنه في الوقت نفسه يعترف بأن هذا الجنون جزء من هويته العاشقة. وهنا يظهر توتر واضح بين رغبة الشاعر في التوبة عن "خطايا العشق مع النساء" وبين إيمانه الراسخ بأن الحب الذي يشعر به الآن مع هذه المحبوبة هو الحب الحقيقي واليقين الذي يبحث عنه.


خاتمة القصيدة تعكس حالة من التسليم الكامل للحب. الشاعر يعتبر نفسه مذنبًا، لكن هذا الذنب لا يحتاج إلى غفران. المحبوبة في نظره "ملاك أبيض كالبلور" منقذة لروحه الضائعة، والتي أخرجته من دوامة الذنوب والأوهام. يُقر الشاعر بأن عشقه لهذه المرأة، حتى وإن كان يعتبره البعض ذنبًا، فإنه ذنب لا يريد منه الغفران، بل يستسلم له بالكامل.


القصيدة تقدم صورة مدهشة لقوة الحب وقدرته على التحول النفسي والعاطفي. يستخدم الشاعر لغة شاعرية مفعمة بالرمزية والصور الحسية، ليخلق عالماً داخلياً معقداً مليئاً بالشوق والندم واليقين. قدرت الشاعر على استخدام المفردات بعناية وبناء صور غنية بالأحاسيس تجعل النص ليس فقط تعبيرًا عن العشق، بل رحلة نفسية في قلب وروح شاعر مجنون بالحب.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية.


رفقاً بشاعر مجنون ..

مفتون بسحر العيون ..

ملكتني ساحرة الحروف ..

تغلغلت بعروقي ..

استوطنت الوتين ..

تجسدت بقوافي الأشعار ..

كست بربيع قلبها أوراقي ..

غدت حروفي تفوح بالعطور ..

طيفها رعد ..

 عواصف وغيم مغدق ..

أنبتت أزهار قلبي

وزهت بألوان الطيف ..

ابهرت شاعر مسحور ..

...

أراكِ بصحوي ومنامي

 أجمل ألاحلام ..

أراكِ بين الكروم والأكواب ..

أراكِ سنبلة شوق فوق أهداب..

 أزالت سنيني العجاف ..

رفقاً بشاعر مجنون ..

هائم بين ربوع عيناكِ ..

عيون أدخلتني رياض الجنان ..

يهوى ترانيم صوتكِ حين تهمسين

بالغرام ..

...

تراني متهور يتمنى الأماني المستحيل ..

وان أحلامي خرافات ..

أوهام بدساتير العشاق ..

يهوى أحاديث الكاهنات ..

ويؤمن بقراءة الفنجان ..

رفقاً بشاعر مجنون ..

ارتكب حماقات المجون بالماضي ..

وأعلن توبة عن خطايا العشق مع النساء ..

أنت الحب واليقين ..

وما قبلكِ كان حباً كله زيف وخداع ..

غرقت بذنوبي ..

حتى اختنقت انفاسي ..

أنت الملاك الأبيض كالبلور ..

من أيقظت نبضاً من احلام الأوهام ..

رفقاً ساحرة الطرف ..

 ذو الرمش المتنعم ..

بعاشق مجنون يهواكِ ..

أن كان عشقي لكِ ذنب ..

لا أطلب منه الغفران ..

بقلمي رائد كُلّاب

الرقم الاتحادي ٩٢٠٠٨٥ 

 ابو احمد 29/7/2024


مع تحيات المسوولة والداعمة لنشر النصوص النقدية التحليلية بالمجلة الشاعرة عائشة ساكري تونس 🇹🇳

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال