دراسة نقدية مشتركة لنصي " دروب الترحال " قاما بها الأستاذ الصحفي الشاعر والناقد محمد الوداني والاديبة الشاعرة غزلان البوادي حمدي لهما مني جزيل الشكر مع باقات الورد وسلال الياسمين والنرجس وهذه نص الدراسة:
تحليل نقدي بقلم الأستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني بمساعدة تدقيق لغوي وتقييم فلسفي وتقفيل خاتمة الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس
القصيدة التي بين أيدينا للشاعر سلمان إبراهيم الخليل تصور رحلة حياة مليئة بالألم والمعاناة، وتعبر عن تجربة ذاتية غارقة في الوجع والبحث عن السكينة. تجمع القصيدة بين صور شعرية نابضة بالحياة وعمق فلسفي يتناول معاناة الإنسان. فهي تعبر عن ترحال روحي ونفسي، وتمثل تجربة إنسانية مليئة بالأوجاع والصعوبات التي تشبه العواصف، وكأنها صدى لأحاسيس الشاعر المتناثرة التي يسعى لجمعها وترتيبها في محاولة للبحث عن وطن يضمد جراحه ويرمم كسراته.
تتميز القصيدة بصور قوية كـ"قلب العاصفة" و"عطر العناقات" و"قناديل الشوق"، صور تستحضر الحنين والألم والمعاناة، وتصور التعلق بالأمل وسط رماد الذكريات، مانحة النص طابعًا بصريًا وعاطفيًا يجذب القارئ إلى عمق التجربة الشعورية للشاعر. الأسلوب السردي، شبه الحواري، يظهر من خلال وصف الشاعر لحالاته المختلفة أثناء الترحال والمكابدة، كما أن الاعتماد على الاستعارات، مثل "قيثارة أشجاني"، أضاف للنص عمقًا وتأملًا في معاناته الذاتية.
تأتي لغة القصيدة قوية ومعبرة، ذات طابع حزين وشاعري يجعل القارئ يتماهى مع مشاعر الشاعر، حيث تجسد كلمات مثل "الوجع"، "العاصفة"، "الطعنات"، "الرماد" مشاعر الضياع والانكسار، لكنها تتوازن بكلمات مثل "الوطن"، "العناق"، و"الأحلام" لتعكس وجود بارقة أمل.
القصيدة تعبر عن معاناة الشاعر في مواجهة تحديات الحياة، حيث تنقل محاولته للتصالح مع ذاته وسط عاصفة من الذكريات المؤلمة. ويظهر في هذا النص رغبة الشاعر في إيجاد سلام داخلي ووطن حقيقي يحتضن آلامه ويرتب أحلامه المبعثرة.
الشاعر سلمان إبراهيم الخليل قدّم نصًا ثريًا بالتعبير العميق عن معاناة إنسانية مشتركة. وقد نجحت القصيدة في خلق حالة شعورية قوية بفضل استخدام الصور الجمالية والمعاني الفلسفية، بينما انتقالها بين الأوجاع والأمل يعكس نضجًا فكريًا وعمقًا في رؤية الشاعر للحياة.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية
دروب الترحال
سلمان ابراهيم الخليل
تبعثرت أوراق سنيني
على دروب الترحال
الممتدة إلى أقاصي الوجع
عند كل مفترق
كان يلوح جرح جديد
يدميني ويرميني
في قلب العاصفة
ويأخذني
إلى أحزاني الطاحنة
اقتفي آثار اللقاءات
الملم ما تبقى
من عطر العناقات
اعلق قناديل الشوق
على جنح الليل
واعزف على قيثارة اشجاني..
بين رماد الذكرى بحثت عنك
عن وطن يُرَتِّقُ جُرُوْحِيْ
وَيُرَمِّمُ ندوب قَلْبِيْ
يُلَمْلِمُ بقابا أشلائي المبعثرة
يداوي طعنات الحروب
يعيد ترتيبي
يسدد فاتورة أوجاعي المتراكمة
منذ نعومة خيباتي
وَ يبْعَث بِأَحْلَامِيْ على قيد الحَيَاةْ
.....