قراءة وتحليل أدبي بمساعدة الشاعرة الأديبة غزلان حمدي
بقلمي الدكتور مصطفى محمد العياشي
النص "استوصوا بالنساء خيراً" بقلم الشاعرة التونسية عائشة ساكري يعبر عن إبداع أدبي يحتفي بمكانة المرأة ويعكس جمالها الإنساني والأنثوي بأسلوب شعري غني بالصور البلاغية والعاطفية. الكاتبة تستمد عنوان النص من وصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يمنحه طابعًا دينيًا وإنسانيًا عميقًا، ويؤكد على أهمية المرأة في المجتمع.
المرأة تظهر في النص كرمز للجمال الطبيعي والبساطة الراقية، فهي "كورد الصباح اليانع" و"قطرات الندى على الزهور البرية". هذه الصور المجازية ترسم المرأة ككيان نقي ومتصل بالحياة، لكنها ليست مجرد شكل مادي، بل تتجلى كروح تحمل السر والسحر، وكائن يتجاوز الجسد ليصل إلى عمق الإنسانية. الكاتبة تربط المرأة بالرمزية العالية، فهي "الأم، الوطن، العزة، الشموخ"، و"الملاك" و"النجمة في كبد السماء"، مما يعكس تعدد أدوارها ومكانتها الأساسية في بناء المجتمعات وصمودها.
النص يتعمق في الجانب النفسي للمرأة، ليظهر أن هناك "امرأة أخرى" داخلها، تبرز قوتها الكامنة عند شعورها بالخذلان أو الوحدة. هذه القوة تدفعها لمواجهة التحديات، وتحوّلها إلى رمز للإصرار والصمود، رغم محاولات الأعداء إسقاطها من مكانتها الشامخة. الإشارة إلى سورة النساء في القرآن تضيف بعدًا دينيًا يعزز من أهمية المرأة، بينما تذكير الرجال بوصية النبي يشدد على احترامها وحمايتها.
اللغة المستخدمة في النص تجمع بين البساطة والجمال، مع اعتماد مكثف على التشبيهات والاستعارات التي تضفي طابعًا شعريًا وعاطفيًا. الألفاظ المنتقاة، مثل "مسكن للألم"، "بلسم للجراح"، "جبل أشم"، تعبر عن تقدير عميق للمرأة، مما يجعل النص يفيض بالاحترام والاعتزاز.
النص يقدم رسالة واضحة تدعو إلى تعزيز مكانة المرأة، مشددًا على دورها الأساسي في الحياة، وعلى أهمية توفير بيئة داعمة لها لتحقيق إمكانياتها. برؤية فلسفية وإنسانية، تحتفي الشاعرة عائشة ساكري بالمرأة كرمز للجمال والقوة والإنسانية، وتبرز وعيها بأهمية دورها في بناء المجتمعات وصمودها أمام التحديات، مما يجعل النص مؤثرًا ومليئًا بالتقدير العميق.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية.
استوصوا بالنساء خيراً
أجمل النساءِ..مَن تفيقُ من نَومِها؛
لِتكونَ كَورودِ الصباحِ اليانعةِ.
رائعةً ، جميلةَ بلا تَصنّعٍ .
أَعذب ما إِنُ تَستنشقْ شذاها،
وإن غسلَتْ وجهَها..كان الماءُ كقطراتِ الندى
على زهور برية.
هيَ مُسكِّنٌ لِلألمِ وبلسمٌ للجِراحِ.
هيَ روحٌ وليستْ جسداً ،
هيَ سِرٌ وسحرُ ،
هيَ النَجمةُ فِي كبدِ السماءِ،
هيَ الأرضُ والعِرضُ.
هي ملاك
هيَ الأمُّ والوطنُ والعزةُ والشموخُ.
فالنساءُ أحوجُ ما تَكونُ إلى روحِ الجَمالِ.
لِأنَّ في المرأةِ اِمرأةً أُخرى لا يَعرفُها أحدٌ لِسرّ أُنوثتِها.
تَستيقظُ فقط حين تُؤمنُ أنَّه لا أحدَ في هذا العالمِ
سيكونُ معها. وفجأةً تَصبحُ أقوى بِفكرِها وثَباتِ خُطاها
واِصرارِها على مُواكبةِ العصرِ فِي كلِّ المَجالاتِ رغمَ أُنوفِ
الأعداءِ الذين راهنُوا على اِسقاطِها من هَرمِها الشامخ .
فهيَ جبلٌ أشمٌّ خلقها اللهُ مَلاذاً لِآدمَ وجعلَ في القرآنِ
باِسمِها سورةً. وهيَ وصيّةُ النبيِّ فِي عُنقِ كلِّ رَجلٍ .
عائشة_ساكري_تونس 🇹🇳
6 جانفي 2025