الشيب المبكر. بقلم الشاعر القدير طواهري امحمد

 الشيب المبكر


حتى الذي لا يفهم

لبدى له أن يشعر بخافق الجسم

وهو يئن و يتحطم

أيها الشيب المبكر

هل جاءة مع تعويذة ام وحدك

كيف تسلّقت اجسامنا

ونحن لا زالنا نرتب في فوضانا

وألهبت بالبياض في ثنايا أعمارنا

من اي باب فتحت على خطانا

تزرع الثقل والضعف في خطانا

حلم الأمس أصبح شهقة 

ببن صوت اختلاج الحنايا

ثسللت ملتحف الأيام الجميلة والليالي

عادةً الروعة تلبس الأشياء اليائسة

بعدما كنت تزرع البذور 

وتسقي الجذور اليابسة

لتترك الأغصان تبكي

والاوراق تتبع نور الشمس

ما بين الغصن و الزوايا

لِقد أسلمتني للدروب العتيقة

حتى رأيت الود ينتشي 

من الحاضرين و العابرين

لٍمَ أورثتني غيمة اليوم دون مطر

تغرق الروح ولا تطعم الجسد

وأسكنتني في خيال يذهل العقل

ثم رحلت ببطء متخفي وراء العمر

فكيف ألملم شتيت من انعكاس المرايا

ألملم ما تبقى لي من بعضي

وكيف أرمّم سقف النفس

ثم اصبر على الأحباب و الاولاد

وقد غصّ القلب 

بالغائبين جالسين بداخلي

فهات يديك امسح عني التجاعيد

لأعتق كل قيد من معصمي

وهات يديك إأغثني برهة 

ثم امسح بعض من البلل أو العرق

من فصول المواجع و المدامع

فلا أحد يراني في سديم الصمت

اقطف من ذاكره دث الغيام

وأزرع في كل أرض بذور السمسم

على رؤوس المنايا و الأحلام

أضيء بالقلم بين الاصباح والمساءات

وأسأل سمو الرياح أن تكف عني

وهي تكفكف وتنشر في أحزانها

ما الذي ظلّ لي غير الوهن وتجاعيد

وراءه رائحة العابرين

وغير حروف تنمو فيها الكلمات

تصبح دون أن أشعر بيوت و قصائد

سأعصر فيه كف السحابة كي تبوح

حتى تلد لي في سماها

رعشة أيادي غيمة تقيم فرحة و نشوة

تستوطن بين خفايا ضلوعي

كلما مرت ألبستني المواجع جرحها

حتى تبلل دمعي في وشاح المنسين

العائدين مع القادمين 

أو نحمل ماتبقى ونذهب إليهم

مع العابرين أو الراحلين

ها أنا الآن وحيد التمس جوانب الغائبين

أستدرج الإلهام بلسم للروح

 اتعقل حتى يصبح وحي

وأسير الى عالم آخر ليس له أبواب

وانما له سمو و أبراج

بعض الشيب يلاحقني ثم يطاردنا

كأنّي طريد هارب من نفسي إلى نفسي

ههنا ألتحف ثوب الكلام واطرد الصّمت

من لسان و حلق اقلامي

وأطرد مني خوف هذا الزّمان

ثم اعبر وراء الأسفار و ترحال

أتصفّح كل العالم دون جواز السفر

متصفح دفتر عمري و أشعاري

وأفتح صدري راحة للمتعبين

لكن هرمت حين سابقة الإنتظار

ترى هل الناس مثلي

لا تكفَ عن الحلم والنبض

ترى هل هناك يستجيب سؤالي

ربما لا يوجد من يرد على صوت البعيد

الذي أبحث عنها عندما خسرت

سيظلّ يلاحقني في الدروب

كي أظلّ في كل درب تائه

أتفقد بقايا وجوهنا وتغيرت ملامحنا

كم من وقت يلزمنا 

لكي يأتي الوحي يطرد سبات 

من أجل نحيا ونطرد الخوف

لينتعش الظامئون من نور السماء

ها أنا واقف بين الرجاء في انحناء

شامخا إلى القبلة 

ارتل طلب بالحنين

غير أنّي تأهّبت في الحزن

وزرعت بالعيون دموعي 

حتّى تراءى لي وجه الخلاص 

في اليقظة وفي حلمي

سأبقى أطمع في ربي سأظلّ أحلم

حتى لا يهرب الحلم منّي

ولا أفقد من بعضي

لربما أجمع بذور الرحمة في بعضي

فإن بعض الأشياء 

يقف المال فقيرا

عاجزا أن يشتريها


بقلم طواهري امحمد .

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال