(الأيام الأخيرة)
حين تنهمر السنوات عند مفارق الطرقات،
وينحني العشبُ اصفرارًا في أزقّة الرجاء،
حين يتحوّل المشيبُ لندفٍ يتراقص في حياء،
ويلتفّ حولي منديلُ السماء،
سأكون عجوزًا عاجزةً في غرفةٍ صمّاء،
سأنتظر مواكبَ يديك
لتبلسمَ العمرَ الماضي، وما تبقّى لي من حياة.
ستحادثني بصوتٍ عالٍ،
سأحاول الابتسام،
ضحكاتُنا ستتناثر فرحًا في الممرّات.
في جيبي الأيسر خاتمي،
أتذكّر... أهديتني إيّاه ذات مساء!
وفي جيبي الأيمن، غروبُ أحلامي وتنهداتي.
لا تنسَ موعدك معي في رحلتي الأبديّة،
عانقْ تشقّقات وجهي،
ويدي التي ترتجف شوقًا لرؤياك.
وحين تأتي المنيّة على هودجٍ رحيم،
ليكن وجهك آخر ما أرى،
وعطرك آخر ما أتنشّق.
أُغمضُ عينيّ بتؤدة،
ولتكن تسابيحُ الله حبًّا وودادًا.
سيمضي العمر مثقلاً بخُطا قدري الحزين،
سأنتظر وضوء القمر كلّ مساء،
لأتلمّس وجهك، وبقايا قصائدك الغنّاء.
سيعدو الربيع مسرعًا،
وتتبدّل الفصول كورَيقاتِ بتول.
هي وصيّتي،
كتبتُها في لحظات انتظار المجهول،
خُذ أوراقي السابحة في فضاء الحُلم،
وخبّئها داخل مكنونات روحك.
هي...
الأيّام الأخيرة.
هي...
أمنياتي خبّأتها في سِلال الهوى.
سيرحل كلّ شيء،
وستبقى روحي هائمةً في الأزقّة،
تقتاتُ الحبَّ في كلّ الأرجاء.
سهى زهرالدين