الإدراك ✍️ أحمد جاد الله
يا قلب لا تحزن فالدرب قد بانَ
مهما توالى على أكتافك الأحزانُ
الإدراك نورٌ يفتت الظلمة
لكنه سيفٌ يدمي الوجدانَ
كلما اتسعت مداركنا ضاقت بنا الأذهانُ
فكن كطائرٍ حرٍ لا يخشى الطوفانَ
يطير فوق السحاب ينسى ما كانَ
فالسعادة وهمٌ والشقاء عنوانُ
ولكن في الصبر تجد الأمانَ
سرى الليلُ والأفكارُ تُوقظُ الأسى
وروحٌ تناجي الفجرَ قد ملّتِ الجفا
فكلُّ ضياءٍ كشفَ خبايا الوجودِ
أورثَ القلبَ همّاً، ما لهُ من مفرِّ
رأى العُرى والزيفَ في كلِّ وجهٍ
فتاهَ البصرُ، والعقلُ في العمقِ يرسو
ألا ليتَ الإنسانَ ظلَّ في جهلهِ
فلا زادَ همّاً، ولا أدمعتْ عينهُ بالشَّكوى
ولكنْ هذا قضاءٌ، ما من مفرٍّ
فالإدراكُ قدرٌ، والوعيُ دربٌ به نمضي
فلنحملِ الكأسَ مرّاً، إن كانَ حقّاً
ولنرضَ بما جرى، وإن سالتْ منا الدموعُ
إذا ما انجلتْ عنك حجبُ العيونِ
رأيتَ الجراحَ، عميقَها والفتونِ
فكم من جمالٍ رأيتَه يوماً
تخفّى وراءَ القبحِ، ذاك المَكينِ
وكم من حقيقةٍ ظننتَها نوراً
فكانتْ ظلاماً، يُميتُ اليقينِ
فيا ليتني أعلم هل الإدراكُ نقمةٌ
تُرينا العيوبَ في الكونِ والآنام؟
أم هو امتحانٌ يَهَبنا بصيرةً
لِنُدركَ عمقَ الحياةِ، وما فيها من أنينِ؟
فاصبرْ على ما تراهُ، فلستَ وحدكَ
في بحرِ الوعيِ، كلٌّ غريقٌ سجينِ
وإنْ زادَ حزنٌ، فاعلمْ بأنكَ
وصلتَ لِعُمقٍ، قلَّما يبلغهُ العينِ
Ahmed gadallah