بقلم الأستاذ ظريف عدلي ظريف

 قلم يئن

قلمٌ يئنُّ وحبرٌ يبكي وليلٌ يطولُ فوقَ كتفيّ الكلمات.

غربةٌ تتدلّى من أهدابِ الوقت

وحنينٌ يَجرُّ العمرَ جَرًّا نحوَ ذكرياتٍ ترفضُ الرحيل.

أكتبُ…

فتنزفُ الأوراقُ وجعًا

وتشهقُ السطورُ كأنَّ كل كلمةٍ

طفلٌ مفقودٌ ينادي وطنه.

تاهت خُطايَ بين طرقٍ لا تعرفني

ووجوهٍ تبتسمُ دون أن تشعرَ بي

وصوتي يرتدُّ إليَّ غريبًا…

كأنني صدى يبحث عن صاحبه.

سافرتُ كثيرًا داخل نفسي

أهاجرُ من حزنٍ إلى حزن

وأحملُ قلبي حقيبةً من أسى

لا أعرفُ أين أضعها

وفي أي صدرٍ تستريح.

ذكرياتُ الوطن

شباكٌ مفتوحٌ على ضوءٍ بعيد،

ورائحةُ خبزِ أمي

ودعاءُ أبي يلاحقني في الطرقات.

هناك بيتٌ

بابه لا يُغلَق في وجهي

وصباحٌ لم يبهتْ لونه بعد.

كلماتٌ تائهة

تطرقُ أبواب المعنى

تبكي من ضيقِ المسافة

ومن قسوةِ المشهد.

تسأل

هل للغربةِ نهاية؟

هل للمتعبين منفى آخر

غير هذا العالم؟

أشواقٌ تتصاعدُ كاللهيب

تحرقُ أطراف الروح

وتُعيد تشكيل قلبي

في كل ليلةٍ ألف مرة.

وكلما كتبتُ سطرًا

انكشفَ شوقٌ أعمقُ

مما كنتُ أخشاه.

يا غربتي…

يا نايًا مكسورًا يبكي

ويا دربًا طويلًا

يمتدُّ بلا رفيق.

يا وجوهًا عابرة

لم تُمسِك بصوتي وهو ينكسر

ولا سمعت حوار قلبي

مع الله حين يختلي به.

لكن…

ورغم كل هذا التيه

وهذا الألم الذي يثقلُ الأضلاع

يبقى في داخلي يقينٌ واحد

أن غربةَ هذا العالم ليست نهاية الطريق.

فثمّة وطنٌ آخر

لا يضيعُ فيه أحد

ولا يُغلقُ بابه في وجه قلبٍ متعب

ولا يُسافرُ عنه أحدٌ بعد الوصول.

مَوطِنٌ نقيٌّ

سلامُه لا يُشترى

وفرحُه لا يُغيبهُ غروب

وقربُهُ شفاءٌ لكلِّ دمعةٍ سالت.

وإني مهما طال الليلُ فوق دروبي

أعلمُ

وأُؤمِن

وأشتاق

أن لنا وطنًا حقيقيًا

عن قريبٍ سنصل إليه.

د ق.ظريف عدلي ظريف

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال