بقلم الأستاذ عبد الفتاح حمودة

 أرجع الئ

على نغمات نجاه (أرجع إلئ) جلست تصغى إليها بأهتمام بالغ وأطلقت لخاطرها العنان إلى ذكرياتها التى عاشتها مع حسام فى البيت القديم فى وسط البلد مع أمها وشقيقها أحمد.


كتبت فى يومياتها :_


غالبا ماكنت أصعد مع أمى إلى شقه أم حسام بالطابق الثالث لتفرد قدميها تحت أشعه الشمس لكى تقضى على الرطوبه التى باتت تؤلمها من جراء الإقامه فى الشقه الداخليه بالطابق الأرضى من نفس البيت حيث لا يوجد بها أى منفذ لدخول الشمس إليها فتنشغل أمى بالحديث مع أم حسام بينما أنفرد أنا وحسام بالحديث أحيانا أو نلهو ببعض الألعاب معا.


لم أكن أعرف سواه فى حياتى..ومعظم الوقت كنا نقضيه معا ماعدا الوقت الذى يذهب فيه إلى مدرسته. وكم تمنيت أن كنت واصلت دراستى بعد الأنتهاء من المرحله الابتدائيه التى توقفت عندها لكنت أذهب معه إلى المدرسه ولانفترق ليس هذا فحسب لكنت أستطعت أن أسمو بفكرى إلى مستوى تفكيره حتى لا أشعر بأى نقص فى عدم مسايرته فضلا عن أمكانيه التعبير عن مشاعرى التى تملأ جسدى كله وتزداد توهجا يوم بعد يوم.


مرت بنا بضعه سنوات ولم يخطر ببالى أن أعرف صدى مشاعرى عند حسام ومكانتى عنده وهل يبادلنى نفس المشاعر التى أكنها له.. أي إمرأه يسعدها أن تجد من يشاركها إحاسيسها ومشاعرها فلا تتشابه مع الأحاسيس الأخرى كالتى تجئ نتيجه مواقف عابره بين الناس في المدرسه أو العمل أو.. الخ فلا يعقل أن يأتي الرجل بعد سنوات عديده فيصارح إمرأته أنه يعتبرها بمثابه علاقه عابره أو هى كأخت له.


وذات يوم صعدت أمى إلى شقه أم حسام -كالمعتاد- وطلعت خلفها أحمل طبق من الحلوى المفضله عند حسام ولما صعدت إليه فؤجئت بفتاه لم أراها من قبل تجلس بجوار حسام.. لا أدرى ماذا حدث لى فقد سقط طبق الحلوى وأختل توازنى فسقطت على الأرض فنظرت إليه ووجدت يخفى أبتسامته حتى لايراها أحد وجرى نحوى يساعدنى على النهوض وهمس فى أذنى أنها أبنه خالتى ولما وجدنى لازلت على حالى من ضيق وتوتر عاد ليهمس في أذنى هى أختى فى الرضاع أيضا.


كلما جلست إلى حسام تمنيت أن تتوقف عقارب الساعه ولاتمر بسرعه البرق من فرط سعادتى بالقرب منه.


ولكن يبدو لكل سعاده ما ينغصها ويعكر صفوها فقدفأجاتنى 


أمى بما أحزننى حزنا شديدا فقد أخبرتنى بأننا لابد أن نترك هذه


 الشقه ونقيم فى شقه شقيقى أحمد مؤقتا ريثما تنتهى ترميمها بعدما ساء حالها وبدأت تظهر بعض الشقوق فى جدرانها فضلا عن تساقط حجاره فى غرفه نومنا لولا عنايه الله لكنت وأمى فى عداد الأموات.


حاولت أن أحث أمى على تأجيل الأمر أو البقاء فى الشقه أثناء الترميمات بلا جدوى وأوضحت لى أن إخلاء الشقه يعنى الأنتهاء من الترميمات بعد مدة قصيرة.


تألمت كثيرا من الفراق عن حسام وكلما شكوت لأمى بعدم الإحساس بالراحه للبعد عن شقتنا تحثنى على الصبر ريثما ينتهى الأمر.


مرت الأيام ببطئ شديد وطالت عمليه الترميمات بشقتنا بسبب تراخى العمال المكلفين بها ولعدم التزامهم بالمواعيد حسب الاتفاق معهم.


وهنت صحه أمى بسبب الرطوبه التى بدأت تترك المزيد من الألم في جسدها كله لأنها لم تعد تتعرض للشمس كما كانت تفعل ذلك عند أم حسام.


ومازال القلق يساورنى لأن حسام لم يبذل أى جهد ولو قليل منذ أن تركنا شقتنا وكأننى كنت مجرد علاقه عابره وأنتهى الأمر على هذا النحو.. نسى أو تناسى ذكريات عشناها وأوقات قضيناها معا.


مرت الأيام وبدأت أفقد الأمل فى رؤيه حسام وزاد الأمر سوء فقدان أعز الحبايب التى كانت بمثابه الصدر الحنون فظننت أن حسام سوف يبادر بالوقوف إلى جوارى فى هذه المحنه ولكن مما يأسف له لم يبذل أى جهد بالمره.


وقد تزوجت من أحد زملاء شقيقى أحمد فى العمل وقد وافقت على ذلك فى وقت فقدت الأمل فى عوده حسام فقد مرت الأيام فى أنتظاره فى غايه الصعوبه نالت من صحتى فأصابها الوهن وبدا الشيب يغزو رأسى ورغم ذلك لازال يراودنى الإحساس بصيص من الأمل أن يعود حسام


-ماما ماذا بك.؟. سرحانه فى أيه؟


-عدت من مدرستك ياحسام


-طبعا ياماما.. يلا ياماما أنا جائع جدا


نهضت المرأه من مكانها.. مسحت دموعها ولازالت نجاه تشاركها الأمل فى عوده الحبيب إليها


(أرجع إلئ.. صحو كنت أو مطر)


مع أطيب تحياتى 


(عبد الفتاح حموده)

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال